قوله تعالى : ألم تر إلى الملإ   الآية . 
أخرج  ابن جرير  عن  الربيع بن أنس  في الآية قال : ذكر لنا - والله أعلم - أن موسى  لما حضرته الوفاة استخلف فتاه يوشع بن نون  على بني إسرائيل , وأن يوشع بن نون  سار فيهم بكتاب الله – التوراة - وسنة نبيه موسى ,  ثم إن يوشع بن نون  توفي , واستخلف فيهم آخر , فسار فيهم بكتاب الله وسنة نبيه موسى ,  ثم استخلف آخر , فسار فيهم بسيرة صاحبيه , ثم استخلف آخر , فعرفوا وأنكروا , ثم استخلف آخر , فأنكروا عامة أمره , ثم استخلف آخر , فأنكروا أمره كله , ثم إن بني إسرائيل أتوا نبيا من أنبيائهم حين أوذوا في أنفسهم وأموالهم , فقالوا له : سل ربك أن يكتب علينا القتال . فقال لهم ذلك النبي : هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا  الآية . فبعث الله طالوت  ملكا , وكان في بني إسرائيل سبطان ؛ سبط نبوة وسبط مملكة , ولم يكن طالوت  من سبط النبوة , ولا من سبط المملكة , فلما بعث لهم ملكا أنكروا ذلك , وقالوا : أنى يكون له الملك علينا ؟ فقال : إن الله اصطفاه عليكم  الآية . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن المنذر   , من طريق  ابن جريج   , عن  ابن عباس  في قوله : ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى  الآية . قال : هذا  [ ص: 130 ] حين رفعت التوراة , واستخرج أهل الإيمان , وكانت الجبابرة قد أخرجتهم من ديارهم وأبنائهم , فلما كتب عليهم القتال , وذلك حين أتاهم التابوت . قال : وكان من بني إسرائيل سبطان ؛ سبط نبوة وسبط خلافة , فلا تكون الخلافة إلا في سبط الخلافة , ولا تكون النبوة إلا في سبط النبوة , فقال لهم نبيهم : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا   . قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه  وليس من أحد السبطين , لا من سبط النبوة , ولا من سبط الخلافة؟ قال : إن الله اصطفاه عليكم  الآية . فأبوا أن يسلموا له الرياسة حتى قال لهم : إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم   . وكان موسى  حين ألقى الألواح تكسرت ورفع منها , وجمع ما بقي , فجعله في التابوت , وكانت العمالقة قد سبت ذلك التابوت , والعمالقة فرقة من عاد  كانوا بأريحا ,  فجاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه , حتى وضعته عند طالوت ,  فلما رأوا ذلك قالوا : نعم . فسلموا له وملكوه , وكانت الأنبياء إذا حضروا قتالا قدموا التابوت بين أيديهم ، ويقولون : إن آدم  نزل بذلك التابوت وبالركن وبعصا موسى  من الجنة . وبلغني أن التابوت وعصا موسى  في بحيرة طبرية ,  وأنهما يخرجان قبل يوم القيامة . 
وأخرج  ابن إسحاق  ،  وابن جرير   , عن  وهب بن منبه  قال : خلف بعد موسى  في بني إسرائيل يوشع بن نون   , يقيم فيهم التوراة وأمر الله , حتى قبضه  [ ص: 131 ] الله , ثم خلف فيهم كالب بن يوفنا ,  يقيم فيهم التوراة وأمر الله , حتى قبضه الله , ثم خلف فيهم حزقيل بن بوزي ,  وهو ابن العجوز , ثم إن الله قبض حزقيل ,  وعظمت في بني إسرائيل الأحداث , ونسوا ما كان من عهد الله إليهم حتى نصبوا الأوثان وعبدوها من دون الله , فبعث إليهم إلياس بن تسبي بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران  نبيا ، وإنما كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى  يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا من التوراة , وكان إلياس  مع ملك من ملوك بني إسرائيل يقال له : أحاب   . وكان يسمع منه ويصدقه , فكان إلياس  يقيم له أمره , وكان سائر بني إسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه , فجعل إلياس  يدعوهم إلى الله , وجعلوا لا يسمعون منه شيئا إلا ما كان من ذلك الملك , والملوك متفرقة بالشام ,  كل ملك له ناحية منها يأكلها , فقال ذلك الملك لإلياس   : ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلا , أرى فلانا وفلانا , يعدد ملوك بني إسرائيل , قد عبدوا الأوثان , وهم يأكلون ويشربون ويتنعمون , ما ينقص من دنياهم , فاسترجع إلياس ,  وقام شعره , ثم رفضه وخرج عنه , ففعل ذلك الملك فعل أصحابه , وعبد الأوثان ، ثم خلف من بعده فيهم اليسع ,  فكان فيهم ما شاء الله أن يكون , ثم قبضه الله إليه , وخلفت فيهم الخلوف , وعظمت فيهم الخطايا , وعندهم التابوت يتوارثونه كابرا عن كابر ,  [ ص: 132 ] فيه السكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون , وكانوا لا يلقاهم عدو , فيقدمون التابوت , ويزحفون به معهم , إلا هزم الله ذلك العدو . فلما عظمت أحداثهم , وتركوا عهد الله إليهم , نزل بهم عدو , فخرجوا إليه وأخرجوا التابوت كما كانوا يخرجونه , ثم زحفوا به , فقوتلوا حتى استلب من أيديهم , فمرج أمرهم عليهم , ووطئهم عدوهم , حتى أصيب من أبنائهم ونسائهم , وفيهم نبي يقال له : شمويل   . وهو الذي ذكر الله في قوله : ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم  الآية . فكلموه وقالوا : ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله . وإنما كان قوام بني إسرائيل الاجتماع على الملوك وطاعة الملوك أنبياءهم , وكان الملك هو يسير بالجموع , والنبي يقوم له بأمره , ويأتيه بالخبر من ربه , فإذا فعلوا ذلك صلح أمرهم , فإذا عتت ملوكهم وتركوا أمر أنبيائهم , فسد أمرهم , فكانت الملوك إذا تابعتها الجماعة على الضلالة تركوا أمر الرسل , ففريقا يكذبون . فلا يقبلون منه شيئا , وفريقا يقتلون , فلم يزل ذلك البلاء بهم حتى قالوا له : ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله   . فقال لهم : إنه ليس عندكم وفاء ولا صدق , ولا رغبة في الجهاد . فقالوا : إنا كنا نهاب الجهاد ونزهد فيه , إنا كنا ممنوعين في بلادنا لا يطؤها أحد , فلا يظهر علينا فيها  [ ص: 133 ] عدو فأما إذا بلغ ذلك فإنه لا بد من الجهاد , فنطيع ربنا في جهاد عدونا , ونمنع أبناءنا ونساءنا وذرارينا . فلما قالوا له ذلك سأل الله شمويل أن يبعث لهم ملكا ، فقال الله له : انظر القرن الذي فيه الدهن في بيتك , فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي في القرن , فهو ملك بني إسرائيل , فادهن رأسه منه , وملكه عليهم . فأقام ينتظر متى ذلك الرجل داخلا عليه , وكان طالوت  رجلا دباغا يعمل الأدم , وكان من سبط بنيامين بن يعقوب ,  وكان سبط بنيامين  سبطا لم يكن فيهم نبوة ولا ملك , فخرج طالوت  في ابتغاء دابة له أضلته , ومعه غلام , فمرا ببيت النبي عليه السلام , فقال غلام طالوت  لطالوت   : لو دخلت بنا على هذا النبي , فسألناه عن أمر دابتنا , فيرشدنا ويدعو لنا فيها بخير . فقال طالوت   : ما بما قلت من بأس . فدخلا عليه , فبينما هما عنده يذكران له شأن دابتهما , ويسألانه أن يدعو لهما فيها , إذ نش الدهن الذي في القرن , فقام إليه النبي عليه السلام , فأخذه ثم قال لطالوت   : قرب رأسك . فقربه فدهنه منه , ثم قال : أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله أن أملكك عليهم , وكان اسم طالوت  بالسريانية شاول بن قيس بن أبيال بن صرار بن يحرب بن أفيح بن آيس بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ,  فجلس عنده , وقال الناس : ملك طالوت   . فأتت عظماء بني إسرائيل نبيهم . فقالوا له : ما شأن طالوت  يملك علينا وليس من بيت النبوة ولا المملكة ؟ قد  [ ص: 134 ] عرفت أن النبوة والملك في آل لاوي وآل يهوذا . فقال لهم : إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم   . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم   , من وجه آخر عن  وهب بن منبه  قال : قالت بنو إسرائيل لشمويل   : ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله   . قال : قد كفاكم الله القتال . قالوا : إنا نتخوف من حولنا , فيكون لنا ملك نفزع إليه . فأوحى الله إلى شمويل   : أن ابعث لهم طالوت  ملكا , وادهنه بدهن القدس . وضلت حمر لأبي طالوت ,  فأرسله وغلاما له يطلبانها , فجاءوا إلى شمويل  يسألونه عنها , فقال : إن الله قد بعثك ملكا على بني إسرائيل . قال : أنا ؟ قال : نعم . قال : وما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني إسرائيل؟ قال : بلى . قال : فبأي آية ؟ قال : بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره . فدهنه بدهن القدس , فقال لبني إسرائيل : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا   . قالوا : أنى يكون له الملك  الآية . 
وأخرج  ابن جرير  عن  مجاهد  في قوله : إذ قالوا لنبي لهم   . قال : شمؤل   . 
وأخرج  عبد الرزاق  عن  قتادة  في الآية قال : هو يوشع بن نون   .  [ ص: 135 ] وأخرج  ابن أبي حاتم   , من طريق  عمرو بن مرة   , عن أبي عبيدة   : إذ قالوا لنبي لهم   . قال : هو الشمول ابن حنة بن العاقر   . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم   , عن  السدي  في الآية قال : كانت بنو إسرائيل يقاتلون العمالقة , وكان ملك العمالقة جالوت ,  وإنهم ظهروا على بني إسرائيل , فضربوا عليهم الجزية , وأخذوا توراتهم , وكانت بنو إسرائيل يسألون الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه , وكان سبط النبوة قد هلكوا , فلم يبق منهم إلا امرأة حبلى , فأخذوها فحبسوها في بيت ؛ رهبة أن تلد جارية فتبدلها بغلام , لما ترى من رغبة بني إسرائيل في ولدها , فجعلت تدعو الله أن يرزقها غلاما , فولدت غلاما , فسمته شمعون  ، فكبر الغلام , فأسلمته يتعلم التوراة في بيت المقدس ,  وكفله شيخ من علمائهم وتبناه , فلما بلغ الغلام أن يبعثه الله نبيا أتاه جبريل  والغلام نائم إلى جنب الشيخ , وكان لا يتمن عليه أحدا غيره , فدعاه بلحن الشيخ : يا شماؤل   . فقام الغلام فزعا إلى الشيخ , فقال : يا أبتاه دعوتني؟ فكره الشيخ أن يقول : لا . فيفزع الغلام , فقال : يا بني ارجع فنم ؛ فرجع فنام , ثم دعاه الثانية , فأتاه الغلام أيضا , فقال : دعوتني؟ فقال : ارجع فنم ؛ فإن دعوتك الثالثة فلا تجبني . فلما كانت الثالثة ظهر له جبريل  فقال : اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك ؛ فإن الله قد بعثك فيهم نبيا . فلما أتاهم كذبوه , وقالوا : استعجلت بالنبوة , ولم يأن لك . وقالوا : إن كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله  [ ص: 136 ] آية من نبوتك . فقال لهم شمعون   : عسى إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا . قالوا : وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله  الآية . فدعا الله , فأتي بعصا تكون على مقدار طول الرجل الذي يبعث فيهم ملكا ، فقال : إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا . فقاسوا أنفسهم بها , فلم يكونوا مثلها ، وكان طالوت  رجلا سقاء يسقي على حمار له , فضل حماره , فانطلق يطلبه في الطريق , فلما رأوه دعوه , فقاسوه بها , فكان مثلها ، فقال له نبيهم : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا   . قال القوم : ما كنت قط أكذب منك الساعة , ونحن من سبط المملكة , وليس هو من سبط المملكة , ولم يؤت سعة من المال , فنتبعه لذلك ! فقال النبي : إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم . قالوا : فإن كنت صادقا فأتنا بآية أن هذا ملك . قال : إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت  الآية . فأصبح التابوت وما فيه في دار طالوت ,  فآمنوا بنبوة شمعون   , وسلموا ملك طالوت   . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير   , عن  عكرمة  قال : كان طالوت  سقاء يبيع الماء . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم   , من طريق العوفي ,  عن  ابن عباس  في قوله : قالوا أنى يكون له الملك علينا    . قال : لم يقولوا ذلك إلا أنه  [ ص: 137 ] كان في بني إسرائيل سبطان ؛ كان في أحدهما النبوة وفي الآخر الملك , فلا يبعث نبي إلا من كان من سبط النبوة , ولا يملك على الأرض أحد إلا من كان من سبط الملك , وأنه ابتعث طالوت  حين ابتعثه وليس من أحد السبطين . قال : إن الله اصطفاه عليكم   . يعني : اختاره عليكم . 
وأخرج  ابن أبي حاتم   , من طريق  السدي   , عن أبي مالك ,  عن  ابن عباس   : وزاده بسطة   . يقول : فضيلة . في العلم والجسم   . يقول : كان عظيما جسيما , يفضل بني إسرائيل بعنقه . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  عن  وهب بن منبه   : وزاده بسطة في العلم   . قال : العلم بالحرب . 
وأخرج  ابن جرير  عن  وهب  في قوله : والجسم   . قال : كان فوق بني إسرائيل من منكبيه فصاعدا . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير   , عن  مجاهد   :  [ ص: 138 ] والله يؤتي ملكه من يشاء   . قال : سلطانه  . 
وأخرج  ابن المنذر  عن  وهب ,  أنه سئل : أنبي كان طالوت  ؟ قال : لا , لم يأته وحي . 
وأخرج  إسحاق بن بشر  في " المبتدأ " ،  وابن عساكر   , من طريق جويبر   ومقاتل   , عن  الضحاك   , عن  ابن عباس   , ومن طريق  الكلبي   , عن  أبي صالح   , عن  ابن عباس  في قوله : ألم تر إلى الملإ   . يعني : ألم تخبر يا محمد  عن الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم  – أشمويل   - ابعث لنا ملكا نقاتل  إلى قوله : وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا   . يعني : أخرجتنا العمالقة , وكان رأس العمالقة يومئذ جالوت ,  فسأل الله نبيهم أن يبعث لهم ملكا . 
وأخرج  عبد بن حميد  عن  مجاهد   : ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى   . 
قال : هم الذين قال الله : ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة   . 
وأخرج  عبد بن حميد  عن  سعيد بن جبير   : ونحن أحق بالملك منه   . قال : لأنه لم يكن من سبط النبوة ولا من سبط الخلافة . 
وأخرج  عبد بن حميد  عن  قتادة  قال : بعث الله لهم طالوت  ملكا , وكان من سبط لم تكن فيه مملكة ولا نبوة , وكان في بني إسرائيل سبطان ؛ سبط نبوة  [ ص: 139 ] وسبط مملكة , فكان سبط النبوة سبط لاوي ,  وكان سبط المملكة سبط يهوذا ,  فلما بعث طالوت  من غير سبط النبوة والمملكة أنكروا ذلك وعجبوا منه , وقالوا : أنى يكون له الملك علينا   . قالوا : كيف يكون له الملك علينا وليس من سبط النبوة ولا المملكة ؟ . 
وأخرج  عبد بن حميد  عن أبي عبيدة  قال : كان في بني إسرائيل رجل له ضرتان ؛ وكانت إحداهما تلد والأخرى لا تلد , فاشتد على التي لا تلد , فتطهرت فخرجت إلى المسجد لتدعو الله , فلقيها حكم بني إسرائيل , وحكماؤهم الذين يدبرون أمورهم , فقال : أين تذهبين؟ قالت : حاجة لي إلى ربي . قال : اللهم اقض لها حاجتها . فعلقت بغلام , وهو الشمول ,  فلما ولدت جعلته محررا , وكانوا يجعلون المحرر إذا بلغ السعي في المسجد يخدم أهله , فلما بلغ الشمول  السعي دفع إلى أهل المسجد يخدم , فنودي الشمول  ليلة , فأتى الحكم , فقال : دعوتني ؟ فقال : لا . فلما كانت الليلة الأخرى دعي , فأتى الحكم , فقال : دعوتني ؟ فقال : لا . وكان الحكم يعلم كيف تكون النبوة , فقال : دعيت البارحة الأولى؟ قال : نعم . قال : ودعيت البارحة ؟ قال : نعم . قال : فإن دعيت الليلة فقل : لبيك وسعديك , والخير في يديك , والمهدي من هديت , أنا عبدك بين يديك , مرني بما شئت . فأوحي إليه , فأتى الحكم , فقال : دعيت الليلة ؟ قال : نعم , وأوحي إلي . قال : فذكرت لك بشيء ؟ قال : لا عليك أن لا تسألني . قال : ما أبيت أن تخبرني إلا وقد ذكر لك شيء من أمري . فألح عليه , وأبى أن يدعه حتى أخبره ، فقال : قيل لي : إنه قد حضرت هلكتك , وارتشا ابنك في حكمك . فكان  [ ص: 140 ] لا يدبر أمرا إلا انتكث , ولا يبعث جيشا إلا هزم , حتى بعث جيشا , وبعث معهم بالتوراة يستفتح بها فهزموا , وأخذت التوراة , فصعد المنبر , وهو أسيف غضبان , فوقع فانكسرت رجله أو فخذه , فمات من ذلك , فعند ذلك قالوا لنبي لهم : ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله   . وهو الشمول ابن حنة العاقر   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					