قوله تعالى : واختار موسى قومه   الآية . 
أخرج  ابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  ابن عباس  في قوله : واختار موسى قومه  الآية . قال : كان الله أمره أن يختار من قومه سبعين رجلا ، فاختار سبعين رجلا ، فبرز بهم ليدعوا ربهم ، فكان فيما دعوا الله أن قالوا : اللهم أعطنا ما لم تعطه أحدا من قبلنا ولا تعطه أحدا بعدنا . فكره الله ذلك من دعائهم ، فأخذتهم الرجفة ، قال موسى   : رب ، لو شئت أهلكتهم من قبل ، إن هي إلا فتنتك  يقول : إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عمن تشاء .  [ ص: 598 ] وأخرج  عبد بن حميد  ، عن  قتادة   : واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا  قال : اختارهم ليقوموا مع هارون  على قومه بأمر الله فلما أخذتهم الرجفة  تناولتهم الصاعقة حين أخذت قومهم . 
وأخرج  عبد بن حميد  من طريق أبي سعد  ، عن  مجاهد   : واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة   [174ظ] بعد أن خرج موسى  بالسبعين من قومه يدعون الله ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء ، فلم يستجب لهم - علم موسى  أنهم قد أصابوا من المعصية ما أصاب قومهم . قال أبو سعد   : فحدثني  محمد بن كعب القرظي  قال : لم يستجب لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر ، ولم يأمروهم بالمعروف ، فأخذتهم الرجفة فماتوا ، ثم أحياهم الله . 
وأخرج  عبد بن حميد  ، عن الفضل بن عيسى ، ابن أخي الرقاشي  ، أن بني إسرائيل قالوا ذات يوم لموسى   : ألست ابن عمنا ومنا ، وتزعم أنك كلمت رب العزة ؟ فإنا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة . فلما أن أبوا إلا ذلك أوحى الله إلى موسى   : أن اختر من قومك سبعين رجلا ، فاختار موسى  من قومه سبعين رجلا خيرة ، ثم قال لهم : اخرجوا ، فلما برزوا جاءهم ما لا قبل لهم به ، فأخذتهم الرجفة قالوا : يا موسى  ردنا ، فقال لهم موسى   : ليس لي من الأمر شيء ، سألتم شيئا فقد جاءكم . فماتوا جميعا . قيل : يا موسى  ارجع ، قال : رب إلى أين الرجعة ، رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا   [ ص: 599 ] إلى قوله : فسأكتبها للذين يتقون  الآية ، قال  عكرمة   : كتبت الرحمة يومئذ لهذه الأمة . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن أبي الدنيا  في كتاب " من عاش بعد الموت "،  وابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  علي  رضي الله عنه قال : لما حضر أجل هارون  أوحى الله إلى موسى   : أن انطلق أنت وهارون  وابن هارون  إلى غار في الجبل ، فأنا قابض روحه ، فانطلق موسى  وهارون  وابن هارون  ، فلما انتهوا إلى الغار دخلوا فإذا سرير فاضطجع عليه موسى  ثم قام عنه فقال : ما أحسن هذا المكان يا هارون   ! فاضطجع هارون  فقبض روحه ، فرجع موسى  وابن هارون  إلى بني إسرائيل حزينين ، فقالوا له : أين هارون  ؟ قال : مات ، قالوا : بل قتلته ، كنت تعلم أنا نحبه ، فقال لهم موسى   : ويلكم أقتل أخي وقد سألته الله وزيرا ! ولو أني أردت قتله أكان ابنه يدعني ! قالوا له : بلى قتلته حسدتناه ، قال : فاختاروا سبعين رجلا فانطلق بهم فمرض رجلان في الطريق فخط عليهما خطا ، فانطلق موسى  وابن هارون  وبنو إسرائيل حتى انتهوا إلى هارون  فقال : يا هارون  ، من قتلك ؟ قال : لم يقتلني أحد ولكني مت . قالوا : ما نقضي يا موسى  ؟ ادع لنا ربك يجعلنا أنبياء ، قال : فأخذتهم الرجفة فصعقوا ، وصعق الرجلان اللذان خلفوا ، وقام موسى  يدعو ربه : لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا   . فأحياهم الله ، فرجعوا إلى قومهم أنبياء .  [ ص: 600 ] وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن نوف الحميري  قال : لما اختار موسى  قومه سبعين رجلا لميقات ربه ، قال الله لموسى   : أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا ، وأجعل لكم السكينة معكم في بيوتكم ، وأجعلكم تقرءون التوراة عن ظهور قلوبكم ، فيقرؤها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير ، فقال موسى   : إن الله قد جعل لكم الأرض مسجدا وطهورا ، قالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس ، قال : ويجعل السكينة معكم في بيوتكم ، قالوا : لا نريد إلا كما كانت في التابوت ، قال : ويجعلكم تقرءون التوراة عن ظهور قلوبكم ، فيقرؤها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير ، قالوا : لا نريد أن نقرأها إلا نظرا ، قال الله : فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة  إلى قوله : المفلحون   . قال موسى   : أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم ، اجعلني نبي هذه الأمة ، قال : إن نبيهم منهم ، قال : اجعلني من هذه الأمة ، قال : إنك لن تدركهم ، قال : رب أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم ، قال : فأوحى الله إليه : ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون  
قال : فرضي موسى  ، قال نوف : ألا تحمدون ربا شهد غيبتكم ، وأخذ لكم بسمعكم ، وجعل وفادة غيركم لكم . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن نوف البكالي  ، أن موسى  لما  [ ص: 601 ] اختار من قومه سبعين رجلا قال لهم : فدوا إلى الله وسلوه . فكانت لموسى  مسألة ولهم مسألة ، فلما انتهى إلى الطور   - المكان الذي وعده الله به - قال لهم موسى   : سلوا الله ، قالوا : أرنا الله جهرة   . قال : ويحكم ، تسألون الله هذا ! مرتين ، قالوا : هي مسألتنا ، أرنا الله جهرة . فأخذتهم الرجفة فصعقوا ، فقال موسى   : أي رب ، جئتك بسبعين من خيار بني إسرائيل ، فأرجع إليهم وليس معي منهم أحد ؟ فكيف أصنع ببني إسرائيل ؟ أليس يقتلوني ؟ فقيل له : سل مسألتك ، قال : أي رب إني أسألك أن تبعثهم ، فبعثهم الله فذهبت مسألتهم ومسألته ، وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة . 
وأخرج  ابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن أبي سعيد الرقاشي  في قوله : واختار موسى قومه سبعين رجلا  قال : كانوا قد جاوزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين ، وذلك أن من جاوز الثلاثين فقد ذهب جهله وصباه ، ومن بلغ الأربعين لم يفقد من عقله شيئا . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  مجاهد  في قوله : واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا  قال : لتمام الموعد ، وفي قوله : فلما أخذتهم الرجفة  قال : ماتوا ثم أحياهم . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  وابن المنذر  ،  وأبو الشيخ  ، عن  أبي العالية  في قوله :  [ ص: 602 ] إن هي إلا فتنتك  قال : بليتك . 
وأخرج  أبو الشيخ  ، عن  ابن عباس  في قوله : إن هي إلا فتنتك  قال : مشيئتك . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  السدي  قال : قال موسى   : يا رب ، هذا السامري  أمرهم أن يتخذوا العجل ، أرأيت الروح من نفخها فيه ؟ قال الرب : أنا ، قال : رب فأنت إذن أضللتهم . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  راشد بن سعد  ، أن موسى  لما أتى ربه لموعده قال : يا موسى  إن قومك افتتنوا من بعدك ، قال : يا رب وكيف يفتنون وقد أنجيتهم من فرعون  ونجيتهم من البحر ، وأنعمت عليهم ؟ قال : يا موسى  إنهم اتخذوا من بعدك عجلا جسدا له خوار ، قال : يا رب فمن جعل فيه الروح ؟ قال : أنا ، قال : فأنت أضللتهم يا رب ، قال : يا موسى  يا رأس النبيين ، يا أبا الحكماء ، إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن أبي عمر العدني  في مسنده ،  وابن جرير   وأبو الشيخ  ، عن  ابن عباس  قال : إن السبعين الذين اختارهم موسى  من قومه ، إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يرضوا بالعجل ولم ينهوا عنه . 
وأخرج  عبد بن حميد   وأبو الشيخ  ، عن  قتادة  قال : ذكر لنا أن أولئك السبعين كانوا يلبسون ثياب الطهرة ؛ ثياب يغزله وينسجه العذارى ، ثم يتبرزون  [ ص: 603 ] صبيحة ليلة المطر إلى البرية فيدعون الله فيها ، فوالله ما سأل القوم يومئذ شيئا إلا أعطاه الله هذه الأمة . 
وأخرج  أبو الشيخ  ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن  ، أن السبعين الذين اختار موسى  من قومه كانوا يعرفون بخضاب السواد . 
				
						
						
