وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين   رب هب لي من الصالحين   فبشرناه بغلام حليم   
أراد بذهابه إلى ربه : مهاجرته إلى حيث أمره بالمهاجرة إليه من أرض الشام  ، كما قال إني مهاجر إلى ربي   [العنكبوت : 26 ] "سيهدين " سيرشدني إلى ما فيه صلاحي في ديني ويعصمني ويوفقني ، كما قال موسى  عليه السلام : كلا إن معي ربي سيهدين   [الشعراء : 62 ] كأن الله وعده وقال له : سأهديك ، فأجرى كلامه على سنن موعد ربه . أو بناء على عادة الله تعالى معه في هدايته وإرشاده . أو أظهر بذلك توكله وتفويضه أمره إلى الله . ولو قصد الرجاء والطمع لقال كما قال موسى  عليه السلام : عسى ربي أن يهديني سواء السبيل   [القصص : 22 ] . هب لي من الصالحين  هب لي بعض الصالحين ، يريد الولد ; لأن لفظ الهبة غلب في الولد وإن كان قد جاء في الأخ في قوله تعالى : ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا   [مريم : 53 ] قال عز وجل : ووهبنا له إسحاق ويعقوب   [الأنعام : 84 ] ووهبنا له يحيى   [الأنبياء : 90 ] وقال  علي بن أبي طالب   لابن عباس  رضي الله عنهم -حين هنأه بولده علي أبي الأملاك   - : "شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب "  . ولذلك وقعت التسمية بهبة الله ، وبموهوب ، ووهب ، وموهب ، وقد انطوت البشارة على ثلاث : على أن الولد غلام ذكر ، وأنه يبلغ أوان الحلم ، وأنه يكون حليما ، وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح ، فقال : ستجدني إن شاء الله من الصابرين  ، ثم استسلم لذلك . وقيل : ما نعت الله به إبراهيم  في قوله : إن إبراهيم لأواه حليم   [التوبة : 114 ] ، إن إبراهيم لحليم أواه منيب   [هود : 75 ] ; لأن الحادثة شهدت بحلمهما جميعا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					