وهل أتاك حديث موسى   إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى   
( وهل أتاك حديث موسى   ) قفى تمهيد نبوته صلى الله عليه وسلم بقصة موسى  ليأتم به في تحمل أعباء النبوة وتبليغ الرسالة والصبر على مقاساة الشدائد ، فإن هذه السورة من أوائل ما نزل . 
( إذ رأى نارا   ) ظرف للـ ( حديث   ) لأنه حدث أو مفعول لاذكر . قيل إنه استأذن شعيبا  عليهما الصلاة والسلام في الخروج إلى أمه ، وخرج بأهله فلما وافى وادي طوى وفيه الطور ولد له ابن في ليلة شاتية مظلمة مثلجة ، وكانت ليلة الجمعة وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته إذ رأى من جانب الطور  نارا . ( فقال لأهله  [ ص: 24 ] امكثوا   ) أقيموا مكانكم . وقرأ  حمزة  «لأهله امكثوا ها هنا » ، وفي «القصص » بضم الهاء في الوصل والباقون بكسرها . ( إني آنست نارا   ) أبصرتها إبصارا لا شبهة فيه ، وقيل الإيناس إبصار ما يؤنس به . ( لعلي آتيكم منها بقبس   ) بشعلة من النار وقيل جمرة . ( أو أجد على النار هدى   ) هاديا يدلني على الطريق أو يهديني أبواب الدين ، فإن أفكار الأبرار مائلة إليها في كل ما يعن لهم . ولما كان حصولهما مترتبا بني الأمر فيهما على الرجاء بخلاف الإيناس ، فإنه كان محققا ولذلك حققه لهم ليوطنوا أنفسهم عليه ، ومعنى الاستعلاء في ( على النار   ) أن أهلها مشرفون عليها أو مستعلون المكان القريب منها كما قال  سيبويه  في : مررت بزيد إنه لصوق بمكان يقرب منه . 
				
						
						
