إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنـزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما   
26 - والعامل في إذ جعل الذين كفروا   - أي: قريشا   -؛ "لعذبنا"؛ أي: "لعذبناهم في ذلك الوقت"؛ أو "اذكر"؛ في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنـزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين  ؛ المراد بحمية الذين كفروا - وهي الأنفة -؛ وسكينة المؤمنين - وهي الوقار -؛ ما يروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل بالحديبية  بعثت قريش   سهيل بن عمرو؛  وحويطب بن عبد العزى؛  ومكرز بن حفص؛  على أن يعرضوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع من عامه ذلك؛ على أن تخلي له قريش  مكة  من العام القابل ثلاثة أيام؛ ففعل ذلك؛ وكتبوا بينهم كتابا؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -  لعلي   - رضي الله عنه -: "اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم"؛ فقال سهيل  وأصحابه: ما نعرف هذا؛ ولكن اكتب: "باسمك اللهم"؛ ثم قال: "اكتب: هذا ما صالح عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة"؛  فقالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت؛ ولا قاتلناك؛ ولكن اكتب: "هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله  أهل مكة"؛  فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب ما يريدون؛ فأنا أشهد أني رسول الله؛ وأنا محمد بن عبد الله"؛  فهم المسلمون أن يأبوا ذلك؛ ويشمئزوا منه؛ فأنزل الله على رسوله السكينة؛ فتوقروا؛ وحلموا؛ وألزمهم كلمة التقوى  ؛ الجمهور على أنها كلمة  [ ص: 343 ] الشهادة؛ وقيل: "بسم الله الرحمن الرحيم"؛ والإضافة إلى التقوى باعتبار أنها سبب التقوى؛ وأساسها؛ وقيل: "كلمة أهل التقوى"؛ وكانوا  ؛ أي: المؤمنون؛ أحق بها  ؛ من غيرهم؛ وأهلها  ؛ بتأهيل الله إياهم؛ وكان الله بكل شيء عليما  ؛ فيجري الأمور على مصالحها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					