[ ص: 280 ] قوله عز وجل: 
والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون   والذين هم على صلواتهم يحافظون   أولئك هم الوارثون   الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون   
قرأ جمهور الناس: "لأماناتهم" بالجمع، وقرأ  ابن كثير   : "لأمانتهم" بالإفراد. والأمانة والعهد تجمع كل ما تحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولا وفعلا، وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك، ورعاية ذلك: حفظه والقيام به، والأمانة أعم من العهد; إذ كل عهد فهو أمانة فيما تقدم فيه قول أو فعل أو معتقد، وقد تعن أمانة فيما لم يعهد فيه تقدم، وهذا إذا أخذناهما بنسبتهما إلى العبد، فإن أخذناهما من حيث هما -عهد الله إلى عباده وأمانته التي حملهم - كانا في رتبة واحدة. 
وقرأ الجمهور : "صلواتهم"، وقرأ  حمزة  ،  والكسائي   : "صلاتهم" بالإفراد، وهذا الإفراد اسم جنس فهو في معنى الجمع، والمحافظة على الصلاة ترقب أوقاتها والمبادرة إلى وقت الفضل فيها. و"الوارثون" يريد: الجنة، وروي في حديث  أبي هريرة   -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن الله تعالى جعل لكل إنسان مسكنا في الجنة ومسكنا في النار، فأما المؤمنون فيأخذون منازلهم ويرثون منازل الكفار، ويحصل الكفار في مساكنهم في النار  . 
قال القاضي أبو محمد   -رحمه الله-: 
ويحتمل أن يسمي الله -تعالى- الحصول على الجنة وراثة من حيث حصلوها دون غيرهم، فهو اسم مستعار على الوجهين. و"الفردوس": مدينة الجنة، وهي جنة الأعناب، واللفظة -فيما قال  مجاهد   - رومية عربت، وقيل: هي فارسية عربت، والعرب  تقول للكروم: فراديس، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأم حارثة   : إنها جنان كثيرة، وإن ابنك قد أصاب الفردوس  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					