قوله عز وجل: 
فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون   
"يبغون": أي يفسدون ويكفرون، والبغي: التعدي والأعمال الفاسدة  ، وأكد  [ ص: 469 ] ذلك بقوله: بغير الحق  ، ثم ابتدأ بالزجر وذم البغي في أوجز لفظ، وقوله: "متاع الحياة" رفع، وهذه قراءة الجمهور، وذلك على خبر الابتداء، والمبتدأ "بغيكم"، ويصح أن يرتفع "متاع" على خبر ابتداء مضمر تقديره: ذلك متاع، أو هو متاع، وخبر البغي قوله: "على أنفسكم"، وقرأ حفص  عن  عاصم  ، وهارون عن  ابن كثير  ، وابن أبي إسحاق   : "متاع" بالنصب، وهو مصدر في موضع الحال من البغي، وخبر البغي -على هذا- محذوف تقديره: مذموم أو مكروه ونحو هذا، ولا يجوز أن يكون الخبر قوله: "على أنفسكم" لأنه كان يحول بين المصدر وما عمل فيه بأجنبي، ويصح أن ينتصب "متاع" بفعل مضمر تقديره: تمتعون متاع الحياة الدنيا، وقرأ ابن أبي إسحاق   : "متاعا الحياة الدنيا" بالنصب فيهما، ومعنى الآية: إنما بغيكم وإفسادكم مضر لكم وهو في حالة الدنيا ثم تلقون عقابه في الآخرة، قال  سفيان بن عيينة   : إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا  أي: تعجل لكم عقوبته في الحياة الدنيا، وعلى هذا قالوا: البغي يصرع أهله. 
قال القاضي أبو محمد  رحمه الله: 
وقالوا: الباغي مصروع لقوله تعالى: ثم بغي عليه لينصرنه الله  ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:  "ما من ذنب أسرع عقوبة من بغي"  . وقرأت فرقة: "فننبئكم" على ضمير  [ ص: 470 ] المعظم المتكلم، وقرأت فرقة: "فينبئكم" على ضمير الغائب، والمراد الله عز وجل. 
				
						
						
