قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين   
قال رجلان  استئناف كما سبق ، كأنه قيل : هل اتفقوا على ذلك ، أو خالفهم البعض ، فقيل : قال رجلان . 
من الذين يخافون   ; أي : يخافون الله تعالى دون العدو ، ويتقونه في مخالفة أمره ونهيه ، وبه قرأ  ابن مسعود  ، وفيه تعريض بأن من عداهما لا يخافونه تعالى ، بل يخافون العدو . وقيل : من الذين يخافون العدو ; أي : منهم في النسب لا في الخوف ، وهما يوشع بن نون وكالب بن يوقنا من النقباء . وقيل : هما رجلان من الجبابرة أسلما وسارا إلى موسى  عليه السلام ; فالواو حينئذ لبني إسرائيل ، والموصول عبارة عن الجبابرة ، وإليهم يعود العائد المحذوف ; أي : من الذين يخافهم بنو إسرائيل . ويعضده قراءة من قرأ : ( يخافون ) على صيغة المبني للمفعول ; أي : المخوفين . وعلى الأول يكون هذا من الإخافة ; أي : من الذين يخوفون من الله تعالى بالتذكير ، أو يخوفهم الوعيد . 
أنعم الله عليهما   ; أي : بالتثبيت وربط الجأش ، والوقوف على شئونه تعالى ، والثقة بوعده أو بالإيمان ، وهو صفة ثانية لرجلان ، أو اعتراض . وقيل : حال من الضمير في يخافون ، أو من رجلان لتخصصه بالصفة ; أي : قالا مخاطبين لهم ومشجعين . 
ادخلوا عليهم الباب   ; أي : باب بلدهم ، وتقديم الجار والمجرور عليه للاهتمام به ; لأن المقصود إنما هو دخول الباب وهم في بلدهم ; أي : باغتوهم وضاغطوهم في المضيق ، وامنعوهم من البروز إلى الصحراء ; لئلا يجدوا للحرب مجالا . 
فإذا دخلتموه   ; أي : بلدهم وهم فيه . 
فإنكم غالبون  من غير حاجة إلى القتال ، فإنا قد رأيناهم وشاهدنا أن قلوبهم ضعيفة ، وإن كانت أجسادهم عظيمة ، فلا تخشوهم واهجموا عليهم في المضايق ، فإنهم لا يقدرون فيها على الكر والفر . وقيل : إنما حكما بالغلبة لما علماها من جهة موسى  عليه السلام ، ومن قوله تعالى : كتب الله لكم  ، أو لما علما من سنته تعالى في نصرة رسله ، وما عهدا من صنعه تعالى لموسى  عليه السلام من قهر أعدائه ، والأول أنسب بتعليق الغلبة بالدخول . 
وعلى الله  تعالى خاصة ، فتوكلوا  بعد ترتيب الأسباب ، ولا تعتمدوا عليها ، فإنها بمعزل من التأثير ، وإنما التأثير من عند الله العزيز القدير . 
إن كنتم مؤمنين   ; أي : مؤمنين به تعالى مصدقين لوعده ، فإن ذلك مما يوجب التوكل عليه حتما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					