فصل ولمن أي ولأمة ومبعضة عتقت كلها تحت رقيق كله الفسخ حكاه ابن المنذر وابن عبد البر وغيرهما إجماعا لا إن كان حرا وهو قول ابن عمر وابن عباس ; لأنها كافأت زوجها في الكمال فلم يثبت لها خيار كما لو أسلمت الكتابية تحت مسلم فأما خبر الأسود عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم { خير بريرة وكان زوجها حرا } رواه النسائي ، فقد روى عنها القاسم بن محمد وعروة " أن زوج بريرة كان عبدا أسود لبني المغيرة يقال له مغيث " رواه البخاري وغيره وهما أخص بها من الأسود ; لأنهما ابن [ ص: 673 ] أخيها وابن أختها . وكذا قال ابن عباس : " كان زوج بريرة عبدا أسود لبني المغيرة يقال له المغيث " رواه البخاري وغيره .
قال أحمد : هذا ابن عباس وعائشة قالا في زوج بريرة : إنه عبد ، رواية علماء المدينة وعملهم ، وإذا روى أهل المدينة حديثا وعملوا به فهو أصح شيء ، وإنما يصح أنه حر عن الأسود وحده ، قال : والعقد صحيح فلا يفسخ بالمختلف فيه ، والحر فيه اختلاف ، والعبد لا اختلاف فيه ويخالف الحر العبد ; لأن العبد ناقص فإذا كملت تحته تضررت ببقائها عنده بخلاف الحر .
( وإلا ) بأن لم تعتق كلها تحت رقيق كله بأن عتقت بعضها أو عتقت تحت حر أو مبعض فلا فسخ ( أو عتقا ) أي الزوجان ( معا ) بأن كانا لواحد فأعتقهما بكلمة واحدة أو كانا لاثنين فوكل أحدهما الآخر أو وكلا واحدا فأعتقهما بكلمة واحدة ( فلا ) فسخ ; لأنها لم تعتق كلها تحت رقيق كله ( فتقول ) العتيقة إن اختارت الفسخ ( فسخت نكاحي أو اخترت نفسي ) أو اخترت فراقه .
( و ) قولها ( طلقتها ) أي طلقت نفسي ( كناية عن الفسخ ) فينفسخ به نكاحها إن نوت به الفرقة ; لأنه يؤدي معنى الفسخ فصلح كونه كناية عنه كالكناية بالفسخ عن الطلاق وليس فسخها نكاحها إن نوت به الفرقة طلاقا . لحديث { الطلاق لمن أخذ بالساق } وكما لو أرضعت من ينفسخ به نكاحها ولها الفسخ ( ولو متراخيا ) كخيار العيب ( ما لم يوجد منها ما يدل على رضا ) بالمقام معه روي عن ابن عمر وأخته حفصة .
لحديث أبي داود " { إن بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد لآل بني محمد ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها : إن قربك فلا خيار لك } وقال ابن عبد البر لا أعلم لابن عمر وحفصة مخالفا من الصحابة ( ولا يحتاج ) نفوذ ( فسخها لحكم حاكم ) للإجماع وعدم احتياجه للاجتهاد كالرد بالعيب في البيع بخلاف خيار العيب في النكاح فإنه محل اجتهاد فافتقر إلى حكم الحاكم كالفسخ للإعسار .
( فإن عتق ) زوج عتيقة ( قبل فسخ ) بطل خيارها لزوال علته وهي الرق ( أو مكنته ) أي الرقيق العتيقة ( من وطئها أو ) من ( مباشرتها ونحوه ) كقبلتها ( ولو جاهلة عتقها أو ) جاهلة ( ملك الفسخ بطل خيارها ) لحديث الحسن عن عمرو بن أمية قال : سمعت رجالا يحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا عتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها إن شاءت فارقت فإن وطئها فلا خيار لها } [ ص: 674 ] رواه أحمد . ولما تقدم في حديث أبي داود من قوله { فإن قربك فلا خيار لك } .
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر أن لها الخيار ما لم يمسها ويجوز لزوجها وطؤها بعد عتقها مع عدم علمها به ( ولبنت تسع أو ) بنت ( دونها إذا بلغتها ) أي تم لها تسع سنين الخيار ( ولمجنونة إذا عقلت الخيار ) لأنهما صارا على صفة لكل منهما حكم ، وكذا لو كان بزوجيهما عيب يوجب الفسخ فإن وطئهما زوجاهما فعلى ما سبق لا خيار لهما ; لانقضاء مدة الخيار ولا خيار لبنت دون تسع ولا لمجنونة ; لأنه لا قول لهما ( دون ولي ) مجنونة وبنت تسع أو أقل فلا خيار له ; لأن طريقه الشهوة فلا تدخله الولاية كالقصاص ( فإن طلقت ) من عتقت تحت عبد ( قبله ) أي الفسخ ( وقع ) الطلاق ; لأنه من زوج عاقل يملك العصمة فنفذ كما لو لم تعتق الزوجة ( وبطل خيارها إن كان ) الطلاق ( بائنا ) لفوات محله


