ولما تقدم - سبحانه - إليه - صلى الله عليه وسلم - في أمر الإنذار والإذكار بالكتاب - تقدم إلى أتباعه فأمرهم باتباعه ونهاهم عن اتباع أهل الضلال وما يوحي إليهم أولياؤهم من زخارفهم بعد أن أخبر بكونه ذكرى أنه سبب لعلو شأنهم وعز سلطانهم ، فقال ملتفتا إليهم مقبلا بعز جلاله  [ ص: 355 ] عليهم اتبعوا   أي : حملوا أنفسكم حملا عظيما بجد ونشاط على اتباع ما أنـزل إليكم  أي : قد خصصتم به دون غيركم فاشكروا هذه النعمة من ربكم  أي : الذي لم يزل محسنا إليكم ولا تتبعوا  ولعله عبر بالافتعال إيماء إلى أن ما كان دون علاج - بل هفوة وبنوع غفلة - في محل العفو من دونه  أي : دون ربكم أولياء  أي : من الذين نهيناكم عنهم في الأنعام وبينا ضررهم لكم من شياطين الإنس والجن ، وعدم إغنائهم وأن الأمر كله لربكم . 
ولما كانوا قد خالفوا في اتباعهم صريح العقل وسليم الطبع ، وعندهم أمثلة ذلك لو تذكروا ، قال منبها لهم على تذكر ما يعرفون من تصرفاتهم : قليلا  وأكد التقليل بـ (ما) النافي وبإدغام تاء التفعيل فقال : ما تذكرون  أي : تعالجون أنفسكم على ذكر ما هو مركوز في فطركم الأولى فإنكم مقرون بأن ربكم رب كل شيء ، فكل من تدعون من دونه مربوب ، وأنتم لا تجدون في عقولكم ولا طباعكم ولا استعمالاتكم ما يدل بنوع دلالة على أن مربوبا يكون شريكا لربه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					