إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام   
قوله تعالى: " إذ يغشاكم النعاس أمنة منه " قال  الزجاج   : "إذ" موضعها نصب على معنى: وما جعله الله إلا بشرى ، في ذلك الوقت ، ويجوز أن يكون المعنى: اذكروا إذ يغشاكم النعاس . قرأ  ابن كثير ،   وأبو عمرو:   "إذ يغشاكم" بفتح الياء وجزم الغين وفتح الشين وألف "النعاس" بالرفع . وقرأ  عاصم ،   وابن عامر ،   وحمزة ،   والكسائي:   "يغشيكم" بضم الياء وفتح الغين مشددة الشين مكسورة "النعاس" بالنصب . وقرأ  نافع   "يغشيكم" بضم الياء وجزم الغين وكسر الشين النعاس بالنصب . وقال  أبو سليمان الدمشقي:  الكلام راجع على قوله: ولتطمئن به قلوبكم  إذ يغشاكم النعاس . قال  الزجاج   : "وأمنة" منصوب: مفعول له ، كقولك: فعلت ذلك حذر الشر . يقال: أمنت آمن أمنا وأمانا وأمنة . وقرأ  أبو عبد الرحمن السلمي ،   وأبو المتوكل ،   وأبو العالية ،   وابن يعمر ،  وابن محيصن:   "أمنة منه" بسكون الميم .  [ ص: 328 ] قوله تعالى: وينزل عليكم من السماء ماء  قال  ابن عباس   : نزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ،  وبينه وبين الماء رملة ، وغلبهم المشركون على الماء ، فأصاب المسلمين الظمأ ، وجعلوا يصلون محدثين ، وألقى الشيطان في قلوبهم الوسوسة ، يقول: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله ، وقد غلبكم المشركون على الماء ، وأنتم تصلون محدثين ، فأنزل الله عليهم مطرا ، فشربوا وتطهروا ، واشتد الرمل حين أصابه المطر ، وأزال الله رجز الشيطان ، وهو وسواسه ، حيث قال: قد غلبكم المشركون على الماء . وقال ابن زيد:  رجز الشيطان: كيده ، حيث أوقع في قلوبهم أنه ليس لكم بهؤلاء القوم طاقة . وقال  ابن الأنباري:  ساءهم عدم الماء عند فقرهم إليه ، فأرسل الله السماء ، فزالت وسوسة الشيطان التي تكسب عذاب الله وغضبه ، إذ الرجز: العذاب . 
قوله تعالى: وليربط على قلوبكم  الربط: الشد . و"على" في قول بعضهم صلة ، فالمعنى: وليربط قلوبكم . وفي الذي ربط به قلوبهم وقواها ثلاثة أقوال . 
أحدها: أنه الصبر ، قاله  أبو صالح  عن  ابن عباس .  والثاني: أنه الإيمان ، قاله  مقاتل   . والثالث: أنه المطر الذي أرسله يثبت به قلوبهم بعد اضطرابها بالوسوسة التي تقدم ذكرها . 
قوله تعالى: ويثبت به الأقدام  في هاء "به" قولان . 
أحدهما: أنها ترجع إلى الماء; فإن الأرض كانت رملة ، فاشتدت بالمطر ، وثبتت عليها الأقدام ، قاله  ابن عباس .   ومجاهد ،   والسدي  في آخرين . 
والثاني: أنها ترجع إلى الربط ، فالمعنى: ويثبت بالربط الأقدام ، ذكره  الزجاج   . 
				
						
						
