ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون   
قوله تعالى : " ويجعلون لله ما يكرهون   " المعنى : ويحكمون له بما يكرهونه لأنفسهم ، وهو البنات ، " وتصف ألسنتهم الكذب   " أي : تقول الكذب ، وقرأ  أبو العالية  ،  والنخعي  ،  وابن أبي عبلة   : " الكذب " بضم الكاف والذال . ثم فسر ذلك الكذب بقوله : " أن لهم الحسنى   " وفيها ثلاثة أقوال : 
أحدها : أنها البنون ، قاله  مجاهد  ،  وقتادة  ،  ومقاتل   . 
والثاني : أنها الجزاء الحسن من الله تعالى ، قاله  الزجاج   . 
والثالث : [أنها] الجنة ، وذلك أنه لما وعد الله المؤمنين الجنة ، قال المشركون : إن كان ما تقولونه حقا ، لندخلنها قبلكم ، ذكره  أبو سليمان الدمشقي   . 
قوله تعالى : " لا جرم   " قد شرحناها فيما مضى [هود :22] . وقال  الزجاج   : " لا " رد لقولهم ، والمعنى : ليس ذلك كما وصفوا " جرم " أن لهم النار ، المعنى : جرم فعلهم ، أي : كسب فعلهم هذا " أن لهم النار وأنهم مفرطون " وفيه أربعة أوجه ، قرأ الأكثرون : " مفرطون   " بسكون الفاء وتخفيف الراء وفتحها ، وفي معناها قولان : 
أحدهما : متركون ، قاله  ابن عباس   . وقال  الفراء   : منسيون في النار . 
والثاني : معجلون ، قاله  ابن عباس  أيضا . وقال  ابن قتيبة   : معجلون إلى النار . قال  الزجاج   : معنى " الفرط " في اللغة : المتقدم ، فمعنى " مفرطون " :  [ ص: 461 ] مقدمون إلى النار ، ومن فسرها " متركون " فهو كذلك [أيضا] ، أي : قد جعلوا مقدمين إلى العذاب أبدا ، متروكين فيه . وقرأ  نافع  ، ومحبوب  ، عن  أبي عمرو  ، وقتيبة  عن  الكسائي   " مفرطون " بسكون الفاء وكسر الراء وتخفيفها ، قال  الزجاج   : ومعناها : أنهم أفرطوا في معصية الله . وقرأ  أبو جعفر   وابن أبي عبلة   " مفرطون " بفتح الفاء وتشديد الراء وكسرها . قال  الزجاج   : ومعناها : أنهم فرطوا في الدنيا فلم يعملوا فيها للآخرة ، وتصديق هذه القراءة يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله   [الزمر :56] . وروى  الوليد بن مسلم  عن  ابن عامر   " مفرطون " بفتح الفاء والراء وتشديدها ، قال  الزجاج   : وتفسيرها كتفسير القراءة الأولى ، فالمفرط و المفرط بمعنى واحد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					