[ ص: 98 ] وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا   قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا    . وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا   الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا    . وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا   
قوله تعالى: ما أسألكم عليه  أي : على القرآن وتبليغ الوحي من أجر  وهذا توكيد لصدقه ، لأنه لو سألهم شيئا من أموالهم لاتهموه ، إلا من شاء  معناه : لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا  بإنفاق ماله في مرضاته ، فعل ذلك ، فكأنه قال : لا أسألكم لنفسي . وقد سبق تفسير الكلمات التي تلي هذه [آل عمران : 159 ، البقرة : 30 ، الأعراف : 54] إلى قوله : فاسأل به خبيرا  ، و " به " بمعنى : " عنه " ، قال  [علقمة بن عبدة]   : 
فإن تسألوني بالنساء فإنني بصير بأدواء النساء طبيب 
وفي هاء " به " ثلاثة أقوال . 
أحدها : أنها ترجع إلى الله عز وجل . والثاني : إلى اسمه الرحمن ، لأنهم قالوا : لا نعرف الرحمن . والثالث : إلى ما ذكر من خلق السماوات والأرض وغير ذلك . 
وفي " الخبير " أربعة أقوال . 
أحدها : أنه جبريل  ، قاله  ابن عباس   . والثاني : أنه الله عز وجل ، والمعنى:  [ ص: 99 ] سلني فأنا الخبير ، قاله  مجاهد   . والثالث : [أنه] القرآن ، قاله شمر   . والرابع : مسلمة أهل الكتاب ، قاله  أبو سليمان  ، وهذا يخرج على قولهم : لا نعرف الرحمن ، فقيل : سلوا مسلمة أهل الكتاب ، فإن الله تعالى خاطب موسى  في التوراة باسمه الرحمن ، فعلى هذا ، الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد سواه . 
قوله تعالى: وإذا قيل لهم  يعني كفار مكة اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن  قال المفسرون : إنهم قالوا : لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة  ، فأنكروا أن يكون من أسماء الله تعالى ، أنسجد لما تأمرنا  وقرأ  حمزة  ،  والكسائي   : " يأمرنا " بالياء ، أي : لما يأمرنا به محمد ، وهذا استفهام إنكار ، ومعناه : لا نسجد للرحمن الذي تأمرنا بالسجود له ، وزادهم  ذكر الرحمن نفورا  أي : تباعدا من الإيمان . 
				
						
						
