أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون    . والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور   
 [ ص: 475 ] قوله تعالى أفمن زين له سوء عمله  اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال . 
أحدها: أنها نزلت في أبي جهل  ومشركي مكة،  قاله  ابن عباس .  
والثاني: في أصحاب الأهواء والملل التي خالفت الهدى، قاله  سعيد بن جبير .  
والثالث : أنهم اليهود والنصارى والمجوس، قاله  أبو قلابة .  
فإن قيل: أين جواب أفمن زين له  ؟ . 
فالجواب من وجهين ذكرهما  الزجاج .  
أحدهما: أن الجواب محذوف; والمعنى: أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله؟! ويدل على هذا قوله: فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء   . 
والثاني: أن المعنى: أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليهم حسرات؟! ويدل على هذا قوله:فلا تذهب نفسك عليهم حسرات   . 
 [ ص: 476 ] وقرأ  أبو جعفر:   " فلا تذهب " بضم التاء وكسر الهاء " نفسك " بنصب السين . 
وقال  ابن عباس:  لا تغتم ولا تهلك نفسك حسرة على تركهم الإيمان . 
قوله تعالى: فتثير سحابا  أي: تزعجه من مكانه; وقال  أبو عبيدة:  تجمعه وتجيء به، و سقناه  بمعنى " نسوقه " ; والعرب  قد تضع " فعلنا " في موضع " نفعل " وأنشدوا: 
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا مني وما سمعوا من صالح دفنوا 
المعنى: يطيروا ويدفنوا . 
قوله تعالى: كذلك النشور  وهو الحياة . وفي معنى الكلام قولان . 
أحدهما: كما أحيا الله الأرض بعد موتها يحيي الموتى يوم البعث . روى أبو رزين العقيلي،  قال: قلت: يا رسول الله: كيف يحيي الله الموتى؟ وما آية ذلك في خلقه؟ فقال: " هل مررت بوادي أهلك محلا، ثم مررت به يهتز خضرا؟ " قلت: نعم، قال: " فكذلك يحيي الله الموتى، وتلك آيته في خلقه "  . 
والثاني: كما أحيا الله الأرض الميتة بالماء، كذلك يحيي الله الموتى بالماء . 
 [ ص: 477 ] قال  ابن مسعود   : يرسل الله تعالى ماء من تحت العرش كمني الرجال، قال: فتنبت لحمانهم وجسمانهم من ذلك الماء، كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ هذه الآية . وقد ذكرنا في (الأعراف: 57) نحو هذا الشرح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					