حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين    . 
قوله تعالى: حافظوا على الصلوات  المحافظة: المواظبة والمداومة ، والصلوات بالألف واللام ينصرف إلى المعهود ، والمراد: الصلوات الخمس . 
 [ ص: 282 ] قوله تعالى:  (والصلاة الوسطى)  قال  الزجاج:  هذه الواو إذا جاءت مخصصة ، فهي دالة على فضل الذي تخصصه ، كقوله تعالى: وجبريل وميكال   [ البقرة: 97 ] قال  سعيد بن المسيب:  كان أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في الصلاة الوسطى هكذا ، وشبك بين أصابعه . ثم فيها خمسة أقوال . أحدها: أنها العصر ، روى  مسلم  في "أفراده" من حديث علي  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا" . وروى  ابن مسعود ،  وسمرة ،   وعائشة  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها صلاة العصر . وروى  مسلم  في "أفراده" من حديث  البراء بن عازب  قال: نزلت هذه الآية (حافظوا على الصلوات [والصلاة الوسطى ] وصلاة العصر) فقرأناها ما شاء الله ، ثم نسخها الله ، فنزلت: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى  وهذا قول  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه ،  وابن مسعود ،   وأبي ،  وأبي أيوب ،   وابن عمر  في رواية ، وسمرة بن جندب ،   وأبي هريرة ،   وابن عباس  في رواية عطية ،   وأبي سعيد الخدري ،   وعائشة  في رواية ،  وحفصة ،   والحسن ،   وسعيد بن المسيب   وسعيد بن جبير ،   وعطاء  في رواية ،  وطاووس ،   والضحاك  ،  والنخعي ،   وعبيد بن عمير ،   وزر بن حبيش ،   وقتادة ،  وأبي حنيفة ،   ومقاتل  في آخرين ، وهو مذهب أصحابنا . 
 [ ص: 283 ]  . والثاني: أنها الفجر ، روي عن  عمر ،   وعلي  في رواية ،  وأبي موسى  ،  ومعاذ ،   وجابر بن عبد الله ،   وأبي أمامة ،   وابن عمر  في رواية  مجاهد ،   وزيد بن أسلم ،   وابن عباس  في رواية  أبي رجاء العطاردي ،   وعكرمة ،   وجابر بن زيد ،   وأنس بن مالك ،   وعطاء ،   وعكرمة ،   وطاووس  في رواية ابنه ،  وعبد الله بن شداد ،   ومجاهد ،   ومالك ،   والشافعي .  وروى  أبو العالية  قال: صليت مع أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم; الغداة فقلت لهم: أيما الصلاة الوسطى؟ فقالوا: التي صليت قبل . والثالث: أنها الظهر ، روي عن  ابن عمر ،   وزيد بن ثابت ،  وأسامة بن زيد ،   وأبي سعيد الخدري ،   وعائشة  في رواية ، وروى ضميرة  عن علي  رضي الله عنه قال: هي صلاة الجمعة ، وهي سائر الأيام الظهر . والرابع: أنها المغرب ، روي عن  ابن عباس ،   وقبيصة بن ذؤيب .  والخامس: أنها العشاء الأخيرة ، ذكره  علي بن أحمد النيسابوري  في "تفسيره" . وفي المراد بالوسطى ثلاثة أقوال . أحدها: أنها أوسط الصلوات محلا . والثاني: أوسطها مقدارا . والثالث: أفضلها . ووسط الشيء: خيره وأعدله ، ومنه قوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا   [ البقرة: 142 ] . فإن قلنا: إن الوسطى بمعنى: الفضلى ، جاز أن يدعي هذا كل ذي مذهب فيها . وإن قلنا: إنها أوسطها مقدارا ، فهي المغرب ، لأن أقل المفروضات ركعتان ، وأكثرها أربعا . وإن قلنا: إنها أوسطها محلا ، فللقائلين: إنها العصر أن يقولوا: قبلها صلاتان في النهار ، وبعدها صلاتان في الليل ، فهي الوسطى . ومن قال: هي الفجر ، فقال  عكرمة:  هي وسط بين الليل والنهار ، وكذلك قال  ابن الأنباري:  هي وسط بين الليل والنهار ، وقال: وسمعت أبا العباس يعني ، ثعلبا  يقول: النهار عند العرب  أوله: طلوع الشمس . قاله  ابن الأنباري:  فعلى هذا صلاة الصبح من صلاة الليل ، قال: وقال آخرون: بل هي من صلاة النهار ، لأن أول وقتها أول وقت الصوم . قال: والصواب عندنا أن نقول: الليل المحض خاتمته: طلوع الفجر ، والنهار المحض أوله: طلوع الشمس ، والذي بين طلوع الفجر ، وطلوع الشمس يجوز أن يسمى نهارا ، ويجوز  [ ص: 284 ] أن يسمى ليلا ، لما يوجد فيه من الظلمة والضوء ، فهذا قول يصح به المذهبان . قال  ابن الأنباري:  ومن قال: هي الظهر ، قال: هي وسط النهار . فأما من قال: هي المغرب ، فاحتج بأن أول صلاة فرضت  ، الظهر ، فصارت المغرب وسطى ، ومن قال: هي العشاء ، فإنه قال: هي بين صلاتين تقصران . 
قوله تعالى: وقوموا لله قانتين  المراد بالقيام هاهنا: القيام في الصلاة ، فأما القنوت ، فقد شرحناه فيما تقدم . وفي المراد به هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها: أنه الطاعة ، قاله  ابن عباس ،   والحسن ،   ومجاهد ،   وابن جبير ،   والشعبي ،   وطاووس ،   والضحاك ،   وقتادة  في آخرين . والثاني: أنه طول القيام في الصلاة ، روي عن  ابن عمر ،   والربيع بن أنس .  وعن  عطاء  كالقولين . والثالث: أنه الإمساك عن الكلام في الصلاة   . قال  زيد بن أرقم:  كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت الآية  (وقوموا لله قانتين)  فأمرنا بالسكوت [ونهينا عن الكلام ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					