القول في تأويل قوله تعالى:
[110] قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا .
قل أي: لهؤلاء المشركين والكافرين من أهل الكتاب: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد أي: خصصت بالوحي وتميزت عنكم به فمن كان يرجو [ ص: 4123 ] لقاء ربه أي: يخاف المصير إليه، أو يأمل لقاءه ورؤيته، أو جزاءه الصالح وثوابه: فليعمل عملا صالحا أي: في نفسه، لائقا بذلك المرجو، وهو ما كان موافقا لشرع الله: ولا يشرك بعبادة ربه أحدا أي: من خلقه إشراكا جليا. كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه. ولا إشراكا خفيا. كما يفعله أهل الرياء، ومن يطلب به أجرا من المدح وتحصيل المال والجاه.
قال أبو السعود : وإيثار وضع المظهر موضع المضمر في الموضعين، مع التعرض لعنوان الربوبية، لزيادة التقرير، وللإشعار بعلية العنوان للأمر والنهي، ووجوب الامتثال فعلا وتركا.
ودلت الآية -كما قال ابن كثير - على أن للعمل المتقبل ركنين : كونه موافقا شرع الله المنزل، ومخلصا أريد به وجهه تعالى، لا يخلط به غيره. وتسمية الرياء شركا أصغر ، ثبت في السنة، وصح فيها حبوط العمل بالرياء. ودخول الرياء في الآية، باعتبار عموم معناها، وإن كان السياق في الشرك الجلي، للخطاب مع الجاحدين. والله تعالى هو الموفق والمعين.


