القول في تأويل قوله تعالى : 
[59] الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا    . 
الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام  أي : من أيامه تعالى ، أو أيام الخلق ، قولان للسلف : ثم استوى على العرش  أي : علا فوقه علوا يليق بجلاله المقدس . وتقدم تفسيره : الرحمن  مرفوع على المدح . أي : هو الرحمن ، وهو في الحقيقة وصف آخر للحي ، كما قرئ بالجر . وقيل : الموصول مبتدأ والرحمن خبره . وقيل : الرحمن  [ ص: 4587 ] بدل من المستكن في : { استوى } وقوله تعالى : فاسأل به خبيرا  فيه أوجه : منها (الباء ) في به صلة (اسأل ) ومنها أنها صلة (خبيرا ) و (خبيرا ) مفعول (اسأل ) أي : فسل عنه رجلا عارفا يخبرك برحمته . أو فسل رجلا خبيرا به وبرحمته . وعليه ففائدة سؤاله هو تصدقه وتأييده . 
قال الشهاب   : ويصح تنازعهما - أي : اسأل وخبيرا - في الباء . وفيه حينئذ نوع من البديع غريب يسمى المتجاذب . وهو كون لفظ واحد بين جملتين يصح جعله من الأولى والثانية . وقد ذكره السعد  في أواخر (" شرح المفتاح " ) وهذا مما غفل عنه أصحاب البديعيات . انتهى . ومنها أن الباء للتجريد . كقولك رأيت به أسدا . أي : برؤيته . أي : اسأل بسؤاله خبيرا والمعنى : إن سألته وجدته خبيرا . 
قال في (" الكشف " ) : وهو أوجه ، ليكون كالتتميم لقوله : الذي خلق  إلخ فإنه لإثبات القدرة ، مدمجا فيه العلم . 
				
						
						
