القول في تأويل قوله تعالى : 
[63 - 64] وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما   والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما    . 
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا  أي : هينين . أو مشيا هينا . أي : بسكينة وتواضع . لا يضربون بأقدامهم ، ولا يخفقون تبعا لهم أشرا وبطرا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما  أي : إذا خاطبهم السفهاء بالقول السيئ لم يقابلوهم بمثله ، بل قالوا كلاما فيه سلام من الإيذاء والإثم . سواء كان بصيغة السلام كقولهم : (سلام عليكم ) ،  [ ص: 4589 ] أو غيرها مما فيه لطف في القول أو عفو أو صفح . وكظم للغيظ . دفعا بالتي هي أحسن : والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما  أي : يكون لهم في الليل فضل صلاة وإنابة ، كما قال تعالى : كانوا قليلا من الليل ما يهجعون  وبالأسحار هم يستغفرون  وقوله : تتجافى جنوبهم عن المضاجع  الآية ، وقوله : أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون  و(البيتوتة ) لغة : الدخول في الليل . يقال : بات يفعل كذا يبيت ويبات ، إذا فعله ليلا . وقد تستعار البيتوتة للكينونة مطلقا . إلا أن الحقيقة أولى ، لكثرة ما ورد في معناها مما تلونا . ولذلك قال السلف : في الآية مدح قيام الليل والثناء على أهله   . وفي قوله : لربهم  إشارة إلى الإخلاص في أدائها وابتغاء وجهه الكريم . لما أن ذلك هو الذي يستتبع أثرها من العمل الصالح وفعل الخير وحفظ حدود الله : وقياما  جمع قائم أو مصدر أجري مجراه . 
				
						
						
