( ومن شرب الخمر فأخذ وريحها موجودة أو جاءوا به سكران فشهد الشهود عليه بذلك فعليه الحد ، [ ص: 302 ] وكذلك إذا أقر وريحها موجودة ) لأن جناية الشرب قد ظهرت ولم يتقادم العهد . والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه } .
( وإن أقر بعد ذهاب رائحتها لم يحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمد : يحد ) وكذلك إذا شهدوا عليه بعد ما ذهب ريحها والسكر لم يحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمد : يحد ، فالتقادم يمنع قبول الشهادة بالاتفاق ، [ ص: 303 ] غير أنه مقدر بالزمان عنده اعتبارا بحد الزنا ، وهذا لأن التأخير يتحقق بمضي الزمان والرائحة قد تكون من غيره ، كما قيل :
يقولون لي انكه شربت مدامة فقلت لهم لا بل أكلت السفرجلا
وعندهما يقدر بزوال الرائحة لقول ابن مسعود : فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه .[ ص: 304 ] ولأن قيام الأثر من أقوى دلالة على القرب ، وإنما يصار إلى التقدير بالزمان عند تعذر اعتباره ، والتمييز بين الروائح ممكن للمستدل ، وإنما تشتبه على الجهال . وأما الإقرار فالتقادم لا يبطله عند محمد كما في حد الزنا على ما مر تقريره . وعندهما لا يقام الحد إلا عند قيام الرائحة ، لأن حد الشرب ثبت بإجماع الصحابة ، ولا إجماع إلا برأي ابن مسعود وقد شرط قيام الرائحة على ما روينا .


