[ ص: 216 ] ( ولا يجوز وقف ما ينقل ويحول ) قال رضي الله عنه : وهذا على الإرسال قول أبي حنيفة ( وقال أبو يوسف : إذا وقف ضيعة ببقرها وأكرتها وهم عبيده جاز ) وكذا سائر آلات الحراسة لأنه تبع للأرض في تحصيل ما هو المقصود ، وقد يثبت من الحكم تبعا ما لا يثبت مقصودا كالشرب في البيع والبناء في الوقف ، ومحمد معه فيه ، لأنه لما جاز إفراد بعض المنقول بالوقف عنده فلأن يجوز الوقف فيه تبعا أولى .
( وقال محمد : يجوز حبس الكراع والسلاح ) ومعناه وقفه في سبيل الله ، وأبو يوسف معه فيه على ما قالوا ، وهو استحسان . والقياس أن لا يجوز لما بيناه من قبل . وجه الاستحسان . الآثار المشهورة فيه : منها قوله عليه الصلاة والسلام { وأما خالد فقد حبس [ ص: 217 ] أدرعا وأفراسا له في سبيل الله تعالى وطلحة حبس دروعه في سبيل الله تعالى } ويروى أكراعه . والكراع : الخيل . ويدخل في حكمه الإبل ; لأن العرب يجاهدون عليها ، وكذا السلاح يحمل عليها وعن محمد أنه يجوز وقف ما فيه تعامل من المنقولات كالفأس والمر والقدوم والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراحل والمصاحف .
وعند أبي يوسف لا يجوز ; لأن القياس إنما يترك بالنص ، والنص ورد في الكراع والسلاح فيقتصر عليه . [ ص: 218 ] ومحمد يقول : القياس قد يترك بالتعامل كما في الاستصناع ، وقد وجد التعامل في هذه الأشياء . وعن نصير بن يحيى أنه وقف كتبه إلحاقا لها بالمصاحف ، وهذا صحيح لأن كل واحد يمسك للدين تعليما وتعلما وقراءة ، وأكثر فقهاء الأمصار على قول محمد ، وما لا تعامل فيه لا يجوز عندنا وقفه . وقال الشافعي : كل ما يمكن الانتفاع به مع بقاء أصله ويجوز بيعه يجوز وقفه ; لأنه يمكن الانتفاع به ، فأشبه العقار والكراع والسلاح . ولنا أن الوقف فيه لا يتأبد ، ولا بد منه على ما بيناه فصار كالدراهم والدنانير ، بخلاف العقار ، ولا معارض من حيث السمع ولا من حيث التعامل فبقي على أصل القياس . [ ص: 219 ] وهذا لأن العقار يتأبد ، والجهاد سنام الدين ، فكان معنى القربة فيهما أقوى فلا يكون غيرهما في معناهما .


