إلى أن قال : وكذلك إن أقام البينة أنه لا مال له    : يعني خلى سبيله لوجوب النظرة إلى الميسرة ، ولو مرض في الحبس يبقى فيه إن كان له خادم يقوم بمعالجته ، وإن لم يكن أخرجه تحرزا عن هلاكه ، والمحترف فيه لا يمكن من الاشتغال بعمله هو الصحيح ليضجر قلبه فينبعث على قضاء دينه ، بخلاف ما إذا كانت له جارية وفيه موضع يمكنه فيه وطؤها لا يمنع عنه لأنه قضاء إحدى الشهوتين فيعتبر بقضاء الأخرى . قال ( ولا يحول بينه وبين غرمائه بعد خروجه من الحبس يلازمونه ولا يمنعونه من التصرف والسفر ) لقوله عليه الصلاة والسلام { لصاحب الحق يد ولسان   } أراد باليد الملازمة وباللسان التقاضي . قال ( ويأخذون فضل كسبه يقسم بينهم بالحصص ) لاستواء حقوقهم في القوة ( وقالا : إذا فلسه  [ ص: 278 ] الحاكم حال بين الغرماء وبينه إلا أن يقيموا البينة أن له مالا ) لأن القضاء بالإفلاس عندهما يصح فتثبت العسرة ويستحق النظرة إلى الميسرة . وعند  أبي حنيفة  رحمه الله : لا يتحقق القضاء بالإفلاس ، لأن مال الله تعالى غاد ورائح ، ولأن وقوف الشهود على عدم المال لا يتحقق إلا ظاهرا فيصلح للدفع لا لإبطال حق الملازمة . وقوله إلا أن يقيموا البينة إشارة إلى أن بينة اليسار تترجح على بينة الإعسار لأنها أكثر إثباتا ، إذ الأصل هو العسرة . وقوله في الملازمة لا يمنعونه من التصرف والسفر دليل على أنه يدور معه أينما دار ولا يجلسه في موضع لأنه حبس ( ولو دخل داره لحاجته لا يتبعه بل يجلس على باب داره إلى أن يخرج ) لأن الإنسان لا بد أن يكون له موضع خلوة ، ولو اختار المطلوب الحبس والطالب الملازمة فالخيار إلى الطالب لأنه أبلغ في حصول المقصود لاختياره الأضيق عليه ، إلا إذا علم القاضي أن يدخل عليه بالملازمة ضرر بين بأن لا يمكنه من دخوله داره فحينئذ يحبسه دفعا للضرر عنه 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					