قال ( ومن غصب ثوبا فصبغه أحمر أو سويقا فلته بسمن فصاحبه بالخيار ، إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض ومثل السويق وسلمه للغاصب ، وإن شاء أخذهما وغرم ما زاد الصبغ والسمن فيهما ) وقال الشافعي في الثوب : لصاحبه أن يمسكه ويأمر الغاصب بقلع الصبغ بالقدر الممكن اعتبارا بفصل الساحة [ ص: 344 ] بنى فيها ; لأن التمييز ممكن ، بخلاف السمن في السويق ; لأن التمييز متعذر . ولنا ما بينا أن فيه رعاية الجانبين والخيرة لصاحب الثوب لكونه صاحب الأصل ، بخلاف الساحة بنى فيها ; لأن النقض له بعد النقض ; أما الصبغ فيتلاشى ، وبخلاف ما إذا انصبغ بهبوب الريح ; لأنه لا جناية من صاحب الصبغ ليضمن الثوب فيتملك صاحب الأصل الصبغ . قال أبو عصمة في أصل المسألة : وإن شاء رب الثوب باعه ويضرب بقيمته أبيض وصاحب الصبغ بما زاد الصبغ فيه ; لأن له أن لا يتملك الصبغ بالقيمة ، وعند امتناعه تعين رعاية الجانبين في البيع ويتأتى ، هذا فيما إذا انصبغ الثوب بنفسه ، وقد ظهر بما ذكرنا لوجه في السويق ، غير أن السويق من ذوات الأمثال فيضمن مثله والثوب من ذوات القيم فيضمن قيمته . وقال في الأصل : يضمن قيمة السويق ; لأن السويق يتفاوت بالقلي فلم يبق مثليا . وقيل المراد منه المثل سماه به لقيامه مقامه ، والصفرة كالحمرة . ولو صبغه أسود فهو نقصان عند أبي حنيفة ، وعندهما زيادة . وقيل هذا اختلاف عصر وزمان . وقيل إن كان ثوبا ينقصه السواد فهو نقصان ، وإن كان ثوبا يزيد فيه السواد فهو كالحمرة وقد عرف في غير هذا الموضع . ولو كان ثوبا تنقصه الحمرة بأن كانت قيمته ثلاثين درهما فتراجعت بالصبغ إلى عشرين ، فعن محمد أنه ينظر إلى ثوب تزيد فيه الحمرة ، فإن كانت الزيادة خمسة يأخذ ثوبه وخمسة دراهم ; لأن إحدى الخمستين جبرت بالصبغ .


