قال ( ويجوز الذبح بالظفر والسن والقرن  إذا كان منزوعا حتى لا يكون بأكله بأس ، إلا أنه يكره هذا الذبح )  [ ص: 496 ] وقال  الشافعي    : المذبوح ميتة لقوله عليه الصلاة والسلام { كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج ما خلا الظفر والسن فإنهما مدى الحبشة    } ولأنه فعل غير مشروع فلا يكون ذكاة كما إذا ذبح بغير المنزوع ، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { أنهر الدم بما شئت   } ويروى { أفر الأوداج بما شئت   } وما رواه محمول على غير المنزوع فإن الحبشة  كانوا يفعلون ذلك ، ولأنه آلة جارحة فيحصل به ما هو المقصود وهو إخراج الدم وصار كالحجر والحديد ، بخلاف غير المنزوع لأنه يقتل بالثقل فيكون في معنى المنخنقة ، وإنما يكره لأن فيه استعمال جزء الآدمي ولأن فيه إعسارا على الحيوان وقد أمرنا فيه بالإحسان . 
قال ( ويجوز الذبح بالليطة والمروة وكل شيء أنهر الدم  إلا السن القائم والظفر القائم ) فإن المذبوح بهما ميتة لما بينا ، ونص  محمد  في الجامع الصغير على أنها ميتة لأنه وجد فيه نصا . وما لم يجد فيه نصا يحتاط في ذلك ، فيقول في الحل لا بأس به وفي الحرمة يقول يكره أو لم يؤكل . قال ( ويستحب أن يحد الذابح شفرته    ) لقوله عليه الصلاة والسلام { إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته   } ويكره أن يضجعها ثم يحد الشفرة لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام { أنه رأى رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال : لقد أردت أن تميتها موتات ، هلا حددتها قبل أن تضجعها   } قال ( ومن بلغ بالسكين النخاع أو قطع الرأس  كره له ذلك  [ ص: 497 ] وتؤكل ذبيحته ) وفي بعض النسخ : قطع مكان بلغ . والنخاع عرق أبيض في عظم الرقبة ، أما الكراهة فلما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام { أنه نهى أن تنخع الشاة إذا ذبحت   } وتفسيره ما ذكرناه ، وقيل معناه : أن يمد رأسه حتى يظهر مذبحه ، وقيل أن يكسر عنقه قبل أن يسكن من الاضطراب ، وكل ذلك مكروه ، وهذا لأن في جميع ذلك وفي قطع الرأس زيادة تعذيب الحيوان بلا فائدة وهو منهي عنه . والحاصل أن ما فيه زيادة إيلام لا يحتاج إليه في الذكاة مكروه . 
ويكره أن يجر ما يريد ذبحه برجله إلى المذبح  ، وأن تنخع الشاة قبل أن تبرد    : يعني تسكن من الاضطراب ، وبعده لا ألم فلا يكره النخع والسلخ ، إلا أن الكراهة لمعنى زائد وهو زيادة الألم قبل الذبح أو بعده فلا يوجب التحريم فلهذا قال : تؤكل ذبيحته . قال ( فإن ذبح الشاة من قفاها فبقيت حية حتى قطع العروق  حل ) لتحقق الموت بما هو ذكاة ، ويكره لأن فيه زيادة الألم من غير حاجة فصار كما إذا جرحها ثم قطع الأوداج ( وإن ماتت قبل قطع العروق لم تؤكل ) لوجود الموت بما ليس بذكاة فيها . قال ( وما استأنس من الصيد فذكاته  الذبح ، وما توحش من النعم فذكاته  العقر والجرح ) لأن ذكاة الاضطرار إنما يصار إليه عند العجز عن ذكاة الاختيار على ما مر ، والعجز متحقق في الوجه الثاني دون الأول ( وكذا ما تردى من النعم في بئر ووقع العجز عن ذكاة الاختيار    ) لما بينا . وقال  مالك    : لا يحل بذكاة الاضطرار في الوجهين لأن ذلك نادر . 
ونحن نقول : المعتبر حقيقة العجز وقد تحقق فيصار إلى البدل ، كيف وإنا لا نسلم الندرة بل هو  [ ص: 498 ] غالب . وفي الكتاب أطلق فيما توحش من النعم . وعن  محمد  أن الشاة إذا ندت في الصحراء فذكاتها العقر ، وإن ندت في المصر لا تحل بالعقر لأنها لا تدفع عن نفسها فيمكن أخذها في المصر فلا عجز ، والمصر وغيره سواء في البقر والبعير لأنهما يدفعان عن أنفسهما فلا يقدر على أخذهما ، وإن ندا في المصر فيتحقق العجز ، والصيال كالند إذا كان لا يقدر على أخذه ، حتى لو قتله المصول عليه وهو يريد الذكاة حل أكله . قال ( والمستحب في الإبل  النحر ، فإن ذبحها جاز ويكره . والمستحب في البقر والغنم  الذبح فإن نحرهما جاز ويكره ) أما الاستحباب فلموافقة السنة المتوارثة ولاجتماع العروق فيها في المنحر وفيهما في المذبح ، والكراهة لمخالفة السنة وهي لمعنى في غيره فلا تمنع الجواز والحل خلافا لما يقوله  مالك  إنه لا يحل . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					