قال ( ويستحب أن يوصي الإنسان بدون الثلث    ) سواء كانت الورثة أغنياء أو فقراء ، لأن في التنقيص صلة القريب بترك ما له عليهم ، بخلاف استكمال الثلث ،  [ ص: 428 ] لأنه استيفاء تمام حقه فلا صلة ولا منة ، ثم الوصية بأقل من الثلث أولى أم تركها ؟ قالوا : إن كانت الورثة فقراء ولا يستغنون بما يرثون فالترك أولى لما فيه من الصدقة على القريب . 
وقد قال عليه الصلاة والسلام { أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح   } ولأن فيه رعاية حق الفقراء والقرابة جميعا ،  [ ص: 429 ] وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم فالوصية أولى لأنه يكون صدقة على الأجنبي ، والترك هبة من القريب والأولى أولى لأنه يبتغي بها وجه الله تعالى . وقيل في هذا الوجه يخير لاشتمال كل منهما على فضيلة وهو الصدقة والصلة فيخير بين الخيرين . قال   ( والموصى به يملك بالقبول )  خلافا  لزفر  ، وهو أحد قولي  الشافعي    . هو يقول : الوصية أخت الميراث ، إذ كل منهما خلافة لما أنه انتقال ، ثم الإرث يثبت من غير قبول فكذلك الوصية . 
ولنا أن الوصية إثبات ملك جديد ، ولهذا لا يرد الموصى له بالعيب ، ولا يرد عليه بالعيب ، ولا يملك أحد إثبات الملك لغيره إلا بقبوله ، أما الوراثة فخلافة حتى يثبت فيها هذه الأحكام فيثبت جبرا من الشرع من غير قبول . 
قال ( إلا في مسألة واحدة وهي أن يموت الموصي ثم يموت الموصى له قبل القبول  فيدخل الموصى به في ملك ورثته ) استحسانا ، والقياس أن تبطل الوصية لما بينا أن الملك موقوف على القبول فصار كموت المشتري قبل قبوله بعد إيجاب البائع . 
وجه الاستحسان أن الوصية من جانب الموصي قد تمت بموته تماما لا يلحقه الفسخ من جهته ، وإنما توقفت لحق الموصى له ، فإذا مات دخل في ملكه كما في البيع المشروط فيه الخيار إذا مات قبل الإجازة . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					