قوله ( وإن شرط القطع ثم تركه حتى بدا صلاح الثمرة ، وطالت الجزة ، وحدثت ثمرة أخرى . فلم تتميز  ، أو اشترى ثمرته ليأكلها رطبا فأثمرت    : بطل البيع ) . شمل كلامه قسمين . 
أحدهما : إذا حدثت ثمرة أخرى قبل القطع ، ولم تتميز من المبيع . 
الثاني : ما عدا ذلك . فإن كان ما عدا حدوث ثمرة أخرى . فالصحيح من المذهب : بطلان البيع كما قال  المصنف    : وعليه أكثر الأصحاب . ونص عليه قال في الفروع : فسد العقد في ظاهر المذهب . قال في القواعد الفقهية : هذه أشهر الروايات قال  القاضي    : هذه أصح . قال الزركشي    : هذا المذهب المنصوص والمختار للأصحاب . وصححه في التصحيح ، والخلاصة وجزم به في الوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس  ، والمنور ، ومنتخب الأزجي  وغيرهم . واختاره  الخرقي  وأبو بكر  وابن أبي موسى  ،  والقاضي  وأصحابه ، وغيرهم . وقدمه في الكافي ، والهادي ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق . وقال : اختاره الشيخ تقي الدين  رحمه الله . وهو من مفردات المذهب . فعليها : الأصل والزيادة للبائع . قطع به أكثر الأصحاب . واختاره ابن أبي موسى  ،  والقاضي  ، وغيرهما . ونقلها أبو طالب  وغيره عن  الإمام أحمد  رحمه الله وقدمه في الفروع وغيره .  [ ص: 70 ]  وعنه    : الزيادة للبائع والمشتري . فتقوم الثمرة وقت العقد وبعد الزيادة    . وهذه الرواية ذكرها في الكافي ، والفروع وغيرهما . وحكى  ابن الزاغوني  ،  والمصنف  وغيرهما رواية : أن البائع يتصدق بالزيادة على القول بالبطلان . قال في التلخيص :  وعنه  يبطل البيع . ويتصدق بالزيادة استحبابا . لاختلاف الفقهاء . انتهى . 
وحكى  القاضي  رواية : يتصدقان بها . قال  المجد    : وهو سهو من  القاضي  ، وإنما ذلك على الصحة . فأما مع الفساد : فلا وجه لهذا القول . انتهى . 
 وعنه    : رواية ثانية في أصل المسألة : لا يبطل البيع ، ويشتركان في الزيادة . قال في الحاويين : وهو الأقوى عندي . واختاره  أبو جعفر البرمكي    . وقال  القاضي    : الزيادة للمشتري . وجزم به في كتابه الروايتين قال في الحاوي : كما لو أخره لمرض . ورده في القواعد . وقال : هو مخالف نصوص  أحمد  ، ثم قال : لو قال مع ذلك بوجوب الأجرة للبائع إلى حين القطع لكان أقرب . قال  المجد    : يحتمل عندي أن يقال : إن زيادة الثمرة في صفتها للمشتري ، وما طال من الجزة للبائع . انتهى . 
 وعنه  يتصدقان بها . قال في الفروع :  وعنه  يتصدقان بها على الروايتين وجوبا . وقيل : ندبا . وكذلك قال في الرعاية . فاختار  القاضي    : أنه على سبيل الاستحباب ، وإليه ميل  المصنف  ، والشارح    . وتقدم كلامه في التلخيص . وقال  ابن الزاغوني    : على القول بالصحة ، لا تدخل الزيادة في ملك واحد منهما ، ويتصدق بها المشتري .  [ ص: 71 ]  وعنه    : الزيادة كلها للبائع . نقلها القاضي في خلافه في مسألة زرع الغاصب ونص  أحمد  في رواية ابن منصور  فيمن اشترى قصيلا وتركه حتى سنبل  يكون للمشتري منه بقدر ما اشترى يوم اشترى . فإن كان فيه فضل : كان للبائع صاحب الأرض .  وعنه  يبطل البيع إن أخره بلا عذر .  وعنه    : يبطل بقصد حيلة . ذكرها جماعة . منهم  ابن عقيل  في التذكرة ، والفخر  في التلخيص . قال بعض الأصحاب : متى تعمد الحيلة فسد البيع من أصله ولم ينعقد بغير خلاف . ووجه في الفروع فيما إذا باعه عرية فأثمرت    : إن ساوى الثمر المشترى به : صح وقال في الفائق : والمختار ثبوت الخيار للبائع ليفسخ .  وعنه  إذا ترك الرطبة حتى طالت : لم يبطل المبيع  ذكره الزركشي    . 
تنبيه : صرح  المصنف    : أن حكم العرية إذا تركها حتى أثمرت  حكم الثمرة إذا تركها حتى بدا صلاحها . وهو صحيح . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . منهم  القاضي    . وقطع بعض الأصحاب بالبطلان في العرايا . وحكي الخلاف في غيرها . منهم الحلواني  وابنه . وفرقوا بينهما . 
فائدتان 
الأولى : للقول بالبطلان مأخذان : أحدهما : أن تأخيره محرم لحق الله فالبيع باطل كتأخير القبض في الربويات ، ولأنه وسيلة إلى شراء الثمرة وبيعها قبل بدو صلاحها . وهو محرم . ووسائل المحرم ممنوعة . المأخذ الثاني : أن مال المشتري اختلط بمال البائع قبل التسليم على وجه لا يتميز منه    . فبطل به البيع . كما لو تلف .  [ ص: 72 ] فعلى الأول : لا يبطل البيع إلا بالتأخير إلى بدو الصلاح واشتداد الحب . وهو ظاهر كلام  الإمام أحمد  ،  والخرقي    . ويكون تأخيره إلى ما قبل ذلك جائزا . ولو كان المشتري رطبة أو ما أشبهها من النعناع والهندبا ، أو صوفا على ظهر فتركها حتى طالت : لم ينفسخ البيع . لأنه لا نهي في بيع هذه الأشياء . وهذه هي طريقة  القاضي  في المجرد . وعلى الثاني : يبطل البيع بمجرد الزيادة واختلاط المالين ، إلا أنه يعفى عن الزيادة اليسيرة . كاليوم واليومين . ولا فرق بين الثمر ، والزرع وغيرهما من الرطبة والبقول والصوف وهي طريقة أبي بكر  ،  والقاضي  في خلافه ،  والمصنف  وغيرهم . ومتى تلف بجائحة بعد التمكن من قطعه فهو من ضمان المشتري . وهو مصرح به في المجرد ، والمغني وغيرهما . وتكون الزكاة على البائع على هذا المأخذ بغير إشكال . وأما على الأول : فيحتمل أن تكون على المشتري . لأن ملكه إنما ينفسخ بعد بدو الصلاح . ويحتمل أن تكون على البائع . ولم يذكر الأصحاب خلافه . لأن الفسخ ببدو الصلاح استند إلى سبب سابق عليه . وهو تأخير القطع . قال ذلك في القواعد . وقال : وقد يقال ببدو الصلاح يتبين انفساخ العقد من حين التأخير . انتهى . 
الثانية : تقدم هل تكون الزكاة على البائع أو على المشتري ؟ إذا قلنا : بالبطلان . وحيث قلنا بالصحة . فإن اتفقا على التبقية جاز . وزكاة المشتري ، وإن قلنا : الزيادة لهما فعليهما الزكاة إن بلغ نصيب كل واحد منهما نصابا ، وإلا انبنى على الخلطة في غير الماشية على ما تقدم . 
تنبيه : وأما إذا حدثت ثمرة ولم تتميز    . فقطع  المصنف  هنا : أن حكمها حكم المسائل الأولى ، وهو رواية عن  أحمد    . ذكرها  أبو الخطاب    . وجزم به في الوجيز ، والرعايتين ، والحاويين ، والهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والهادي ، وغيرهم . وهو احتمال في الكافي .  [ ص: 73 ] والصحيح من المذهب : أن حكمه حكم المبيع الذي اختلط بغيره . فهما شريكان فيهما ، كل واحد بقدر ثمرته . فإن لم يعلما قدرها اصطلحا . ولا يبطل العقد في ظاهر المذهب . قاله  المصنف  في المغني ، والشارح  ، وصاحب الفروع [ والفائق ] وغيرهم . قال الزركشي    : وهو الصواب . وقدمه في الكافي وغيره . واختاره  ابن عقيل  وغيره . قال  القاضي    : إن كانت الثمرة للبائع فحدثت أخرى ، قيل لكل منهما : اسمح بنصيبك . فإن فعل أجبر الآخر على القبول ، وإلا فسخ العقد . وإن اشترى ثمرة فحدثت أخرى : وقيل للبائع ذلك لا غير . انتهى . 
فائدة : لو اشترى خشبا بشرط القطع فأخر قطعه فزاد  ، فالبيع لازم ، والزيادة للبائع . قدمه في الفائق . فقال لو اشترى خشبا ليقطعه فتركه ، فنما وغلظ فالزيادة لصاحب الأرض نص عليه واختاره البرمكي    . انتهى . 
قال في الفروع : ونقل ابن منصور  الزيادة لهما ، واختاره البرمكي    . وقاله في القواعد أيضا . فاختلف النقل عن البرمكي  في الزيادة . وقيل : البيع لازم ، والكل للمشتري . وعليه الأجرة . اختاره  ابن بطة    . وقيل : ينفسخ العقد ، والكل للبائع . قال الجوزي    : ينفسخ العقد . قال في الفائق بعد قول الجوزي  قلت    : ويتخرج الاشتراك . فوافق المنصوص . وقال في الفروع : وإن أخر قطع خشب مع شرطه فزاد . فقيل : الزيادة للبائع . وقيل : للكل . وقيل : للمشتري ، وعليه الأجرة . ونقل ابن منصور    : الزيادة لهما . اختاره البرمكي    . انتهى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					