فوائد 
الأولى : لو يممه غيره  فحكمه حكم ما لو وضأه غيره ، على ما تقدم في آخر باب الوضوء على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب ، واختار الآجري   وغيره : لا يصح هنا ، لعدم قصده . الثانية : لو نوى وصمد وجهه للريح فعم التراب جميع وجهه    : لم يصح على الصحيح من المذهب ، اختاره  المصنف  ،  وابن عقيل  ، وقدمه في الكافي ، وهو ظاهر كلام  الخرقي    . وقيل : يصح ، اختاره  القاضي  ، والشريف أبو جعفر  ، وصاحب المستوعب ، والتلخيص  والمجد  ، والحاوي الكبير ، ومجمع البحرين ، وقدمه في الرعاية الكبرى . وأطلقهما في الشرح ، والزركشي  ، والمذهب . وقيل : إن مسح أجزأ ، وإلا فلا ، وجزم به في الفائق [ وقدمه في الرعاية الكبرى ، واختاره  ابن عقيل  ، والشارح    ] .  [ ص: 289 ] 
قلت : وهذا الصحيح قياسا على مسح الرأس ، وصحح في المغني عدم الإجزاء إذا لم يمسح ، ومع المسح حكى احتمالين . وأطلقهن في الفروع ، وابن تميم  ، وابن عبيدان    . الثالثة : لو سفت الريح غبارا . فمسح وجهه بما عليه    : لم يصح ، وإن فصله ثم رده إليه ، أو مسح بغير ما عليه : صح . وذكر الأزجي    : إن نقله من اليد إلى الوجه ، أو عكسه بنية : ففيه تردد . ويأتي إذا تيمم بيد واحدة ، أو بعض يد . أو بخرقة ونحوه ، بعد قوله " والسنة في التيمم أن ينوي قوله ( ويجب تعيين النية لما يتيمم له : من حدث أو غيره ) فشمل التيمم للنجاسة . فتجب النية لها على الصحيح من الوجهين ، صححه  المجد  ، وفي مجمع البحرين ، وقدمه ابن عبيدان  ، وفي المغني ، والشرح في موضع . وهذا احتمال  القاضي    . وقيل : لا تجب النية لها كبدله ، وهو الغسل ، بخلاف تيمم الحدث ، وهو احتمال  لابن عقيل    [ في الفروع : والمنع اختاره ابن حامد  ،  وابن عقيل  ، والظاهر : أنه أراد منع الصحة ] وأطلقهما في الفروع ، والرعاية ، وابن تميم  ، والفائق ، وفي المغني ، والشرح ، في موضع . فعلى الأول : يكفيه تيمم واحد ، وإن تعددت مواضعها إن لم يكن محدثا ، وإن كان محدثا وعليه نجاسة فيأتي بعد هذا . قوله ( فإن نوى جميعها جاز ) ، هذا المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . وقال  ابن عقيل    : إن كان عليه حدث ونجاسة : هل يكتفى بتيمم واحد  ؟ ينبني على تداخل الطهارتين في الغسل . فإن قلنا : لا يتداخلان ، فهنا أولى . 
لكونهما من جنسين ، وإن قلنا : يتداخلان هناك ، فالأشبه عندي : لا يتداخلان هنا ، كالكفارات والحدود إذا كانتا من جنسين . وأطلقهما ابن تميم    .  [ ص: 290 ] قوله ( وإن نوى أحدهما لم يجز عن الآخر ) اعلم أنه إذا كانت عليه أحداث . فتارة تكون متنوعة عن أسباب أحد الحدثين ، وتارة لا تتنوع . فإن تنوعت أسباب أحدهما ، ونوى بعضها بالتيمم . فإن قلنا في الوضوء : لا يجزئه عما لم ينوه . فهنا بطريق أولى ، وإن قلنا : يجزئ هناك أجزأ هنا على الصحيح ، صححه  المجد  في شرحه ، وصاحب مجمع البحرين . وقدم في الفائق ، والرعاية الكبرى في الحدث الأكبر . وقيل : لا يجزئ هنا . فلا يحصل له إلا ما نواه . ولو قلنا يرتفع جميعها في الوضوء لأن التيمم مبيح ، والوضوء رافع ، وهو ظاهر كلام  المصنف  هنا ، وجزم به في الحدث الأكبر في الرعاية الصغرى . وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم  ، وابن عبيدان    . وقيل : إن كانا جنابة وحيضا أو نفاسا : لم يجزه ، وصححه بعضهم . 
فائدتان : 
إحداهما : لو تيمم للجنابة دون الحدث  أبيح له ما يباح للمحدث : من قراءة القرآن ، واللبث في المسجد . ولم تبح له الصلاة ، والطواف ، ومس المصحف ، وإن أحدث لم يؤثر ذلك في تيممه ، وإن تيمم للجنابة والحدث ، ثم أحدث بطل تيممه للحدث ، وبقي تيمم الجنابة بحاله . ولو تيممت بعد طهرها من حيضها لحدث الحيض ، ثم أجنبت لم يحرم وطؤها على الصحيح من المذهب ، وصححه  المصنف  وغيره . وقال  ابن عقيل    : إن قلنا كل صلاة تحتاج إلى تيمم ، احتاج كل وطء إلى تيمم يخصه . الثانية : صفة التيمم : أن ينوي استباحة ما يتيمم له على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : يصح بنية رفع الحدث . فعلى المذهب : يعتبر معه تعيين ما يتيمم له قبل الحدث على الصحيح من المذهب . وقيل : إن ظن فائتة ،  [ ص: 291 ] فلم تكن ، أو بان غيرها : لم يصح . قال في الفروع : وظاهر كلام ابن الجوزي    : إن نوى التيمم فقط صلى نفلا . وقال  أبو المعالي    : إن نوى فرض التيمم ، أو فرض الطهارة : فوجهان . قوله : ( وإن نوى نفلا ، أو أطلق النية للصلاة    : لم يصل إلا نفلا ) وهذا المذهب . وعليه جمهور الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . 
وقال ابن حامد    : إن نوى استباحة الصلاة وأطلق    : جاز له فعل الفرض والنفل . وخرجه  المجد  وغيره .  وعنه  من نوى شيئا له فعل أعلى منه . قوله ( وإن نوى فرضا فله فعله والجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت ) . به على الصحيح من المذهب . وعليه الجمهور . وقيل : لا يجمع في وقت الأولى . قال ابن تميم    : له الجمع في وقت الثانية . وفي الجمع في وقت الأولى وجهان ، أصحهما : الجواز .  وعنه  لا يجمع به بين فرضين . ولا يصلي به فائتتين ، نص عليه في رواية ابن القاسم  ،  وبكر بن محمد    . ذكره ابن عبيدان  ، واختاره الآجري     . قال في الرعاية وغيرها :  وعنه  يجب التيمم لكل صلاة فرض    . فعليها : له فعل غيره مما شاء حتى يخرج الوقت . وفي الفروع : لو خرج الوقت وفيه نظر من النوافل ، والطواف ، ومس المصحف والقراءة ، واللبث في المسجد ، إن كان جنبا ، والوطء إن كانت حائضا على الصحيح ، صححه  المجد  وغيره ، وقدمه في الفروع ، وابن عبيدان ، ومجمع البحرين عليها . 
وذكر في الانتصار وجها : أن كل نافلة تفتقر إلى تيمم . وقال : هو ظاهر نقل ابن القاسم  ،  وبكر بن محمد    . ذكره في الفروع . وقال  ابن عقيل    : لا يباح الوطء بتيمم الصلاة  على هذه الرواية ، إلا أن يطأ قبلها ، ثم لا تصلي به ، وتتيمم لكل وطء . وتقدم بعض ذلك  عنه  قريبا . وقال ابن الجوزي  في المذهب ، فعليها : لو تيمم لصلاة الجنازة . فهل يصلي به  [ ص: 292 ] أخرى  ؟ على وجهين . قال في الفروع : وظاهر كلام غير واحد : إن تعينتا لم يصل ، وإلا صلى . انتهى . 
وعليها أيضا : لو كان عليه صلاة من يوم لا يعلم عينها : لزمه خمس صلوات ، يتيمم لكل صلاة ، جزم به ابن تميم  ، وابن عبيدان    . وقيل : يجزئه تيمم واحد . وأطلقهما في الفروع . قال في الرعاية بعد أن حكى الرواية قلت    : فعليها من نسي صلاة فرض من يوم ، كفاه لصلاة الخمس تيمم واحد  ، وإن نسي صلاة من صلاتين ، وجهل عينها أعادهما بتيمم واحد ، وإن كانتا متفقتين من يومين ، وجهل جنسهما : صلى الخمس مرتين بتيممين . وكذلك إن كانتا مختلفتين من يوم وجهلهما . وقيل : يكفي صلاة يوم بتيممين . وإن كانتا مختلفتين من يوم ، فلكل صلاة تيمم . وقيل في المختلفتين من يوم أو يومين : يصلي الفجر ، والظهر ، والعصر ، والمغرب بتيمم . والظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء بتيمم آخر . انتهى . 
وعلى الوجه الذي ذكره في الانتصار : لو نسي صلاة من يوم : صلى الخمس بتيمم لكل صلاة . قاله في الرعاية . وأما جواز فعل التنفل ، إذا نوى بتيممه الفرض : فهو المذهب مطلقا . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . وقيل : لا يجوز له التنفل به إلا إذا عين الفرض الذي يتيمم له .  وعنه    : لا يتنفل قبل الفريضة بغير الراتبة . وتقدم الوجه الذي ذكره في الانتصار : أن كل نافلة تحتاج إلى تيمم . 
				
						
						
