قوله ( ولا يصح وقف ما لا يجوز بيعه  ، كأم الولد والكلب ) أما أم الولد : فالصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب : أنه لا يصح وقفها قطع به في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي  ، والفروع وغيرهم . وقيل : يصح . قاله في الفائق . وأطلقهما في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . قلت    : فلعل مراد القائل بذلك : إذا قيل بجواز بيعها . أو أنه يصح ما دام سيدها حيا . وعلى قول يأتي . ثم وجدت صاحب الرعاية الكبرى قال : وفي أم الولد وجهان . قلت    : إن صح بيعها صح وقفها . وإلا فلا . انتهى . لكن ينبغي على هذا أن يصح وقفها قولا واحدا . وعند الشيخ تقي الدين  رحمه الله : لا يصح وقف منافع أم الولد في حياته    . فائدتان . 
إحداها : قال الحارثي    : المكاتب إن قيل بمنع بيعه فكأم الولد . وإن قيل بالجواز كما هو المذهب فمقتضى ذلك : صحة وقفه . ولكن إذا أدى : هل يبطل الوقف ؟ يحتاج إلى نظر . انتهى . 
الثانية : حكم وقف المدبر  حكم بيعه . على ما يأتي في بابه . ذكره في الرعايتين ، والزركشي  وغيرهم .  [ ص: 10 ] وأما " الكلب " فالصحيح من المذهب : أنه لا يصح وقفه . وعليه الأصحاب . لأنه لا يصح بيعه . 
وقال الحارثي  في شرحه : وقد تخرج الصحة من جواز إعارة الكلب المعلم  كما خرج جواز الإجارة . لحصول نقل المنفعة ، والمنفعة مستحقة بغير إشكال . فجاز أن تنقل . 
قال : والصحيح اختصاص النهي عن البيع بما عدا كلب الصيد . بدليل رواية  حماد بن سلمة  عن  ابن الزبير  ، وعن  جابر بن عبد الله  رضي الله عنهما قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ، والسنور ، إلا كلب الصيد   } والإسناد جيد . فيصح وقف المعلم . لأن بيعه جائز . 
وفي معناه جوارح الطير ، وسباع البهائم الصيادة يصح وقفها ويجوز بيعها  ، بخلاف غير الصيادة . 
ومر في المذهب رواية بامتناع بيعها أعني الصيادة فيمتنع وقفها ، والأول : أصح . انتهى . قال الشيخ تقي الدين  رحمه الله : يصح وقف الكلب المعلم ، والجوارح المعلمة ، وما لا يقدر على تسليمه    . 
قوله ( ولا ما لا ينتفع به مع بقائه دائما ، كالأثمان ) . 
إذا وقف الأثمان . فلا يخلو : إما أن يقفها للتحلي والوزن ، أو غير ذلك . 
فإن وقفها للتحلي والوزن ، فالصحيح من المذهب : أنه لا يصح . ونقله الجماعة عن الإمام  أحمد  رحمه الله . وهو ظاهر ما قدمه في المغني ، والشرح . قال الحارثي    : وعدم الصحة أصح . وقيل : يصح . قياسا على الإجارة . 
قال في التلخيص : إن وقفها للزينة بها . فقياس قولنا في الإجارة : إنه يصح . فعلى هذا : إن وقفها وأطلق : بطل الوقف . على الصحيح .  [ ص: 11 ] وقيل : يصح ، ويحمل عليهما . وإن وقفها لغير ذلك : لم يصح . على الصحيح من المذهب . وقال في الفائق  وعنه    : يصح وقف الدراهم    . فينتفع بها في القرض ونحوه . اختاره  شيخنا    . يعني به الشيخ تقي الدين  رحمه الله . 
وقال في الاختيارات : ولو وقف الدراهم على المحتاجين    : لم يكن جواز هذا بعيدا . فائدتان . 
إحداهما : لو وقف قنديل ذهب ، أو فضة على مسجد    : لم يصح . وهو باق على ملك ربه فيزكيه . على الصحيح من المذهب . وقيل : يصح . فيكسر ويصرف في مصالحه . اختاره  المصنف    . قلت    : وهذا هو الصواب . 
وقال الشيخ تقي الدين  رحمه الله : لو وقف قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم    : صرف لجيرانه صلى الله عليه وسلم قيمته . 
وقال في موضع آخر : النذر للقبور  هو للمصالح ، ما لم يعلم ربه ، وفي الكفارة الخلاف . وإن من الحسن صرفه في نظيره من المشروع . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					