الثالثة : لو أصابه ماء ميزاب ولا أمارة    : كره سؤاله عنه على الصحيح من المذهب . ونقله  صالح    . فلا يلزم الجواب . وقيل : بلى ، كما لو سأل عن القبلة . وقيل : الأولى السؤال والجواب . وقيل : بلزومهما . وأوجب الأزجي  إجابته إن علم نجاسته ، وإلا فلا . 
قلت : وهو الصواب . وقال  أبو المعالي    : إن كان نجسا لزمه الجواب وإلا فلا . 
نقله ابن عبيدان    . قوله ( وإن اشتبه الطاهر بالنجس  لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب ) . وكذا قال في الهداية والمذهب ، وهو كما قالوا . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في البلغة ، والوجيز ، والمذهب الأحمد ، والإفادات ، والمنتخب ، والتسهيل ، وغيرهم ، وقدمه في المذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والمغني ، والشرح ، والتلخيص ، والمحرر ، والرعايتين ، والنظم ، ومجمع البحرين ، والحاويين ،  وابن رزين  ، وابن عبيدان  ، وابن تميم  ، وغيرهم قال الزركشي    : وهو المختار للأكثرين . وهو من مفردات المذهب .  وعنه  يتحرى إذا كثر عدد الطاهر . 
اختارها أبو بكر  وابن شاقلا  ، وأبو علي النجاد  قال ابن رجب  في القواعد : وصححه  ابن عقيل    . 
 [ ص: 72 ] تنبيهان 
أحدهما : إذا قلنا يتحرى إذا كثر عدد الطاهر . فهل يكفي مطلق الزيادة ولو بواحد ، أو لا بد من الكثرة عرفا ، أو لا بد أن تكون تسعة طاهرة وواحد نجس ، أو لا بد أن تكون عشرة طاهرة وواحد نجس ؟ فيه أربعة أقوال . قدم في الفروع : أنه يكفي مطلق الزيادة . وهو الصحيح . وقدم في الرعايتين والحاوي الكبير . العرف ، واختاره  القاضي  في التعليق ، فقال : يجب أن يعتبر بما كثر عادة وعرفا ، واختاره النجاد    . وقال الزركشي    : المشهور عند القائل بالتحري : إذا كان النجس عشر الطاهر : يتحرى ، وجزم به في المذهب ، والتلخيص ، وغيرهم . وقال  القاضي  في جامعه : ظاهر كلام أصحابنا : اعتبار ذلك بعشرة طاهرة وواحد نجس . وأطلقهن ابن تميم  وأطلق الأوجه الثلاثة الأول : الزركشي  ، والفائق . الثاني : قوله " لم يتحر فيهما على الصحيح من المذهب " يشعر أن له أن يتحرى في غير الصحيح من المذهب سواء كثر عدد النجس الطاهر ، أو تساويا . ولا قائل به من الأصحاب ، لكن في مجمع البحرين أجراه على ظاهره . وقال : أطلق  المصنف  ، وفاقا  لداود  ،  وأبي ثور  ،  والمزني    .  وسحنون  من أصحاب  مالك    . 
قلت : والذي يظهر : أن  المصنف  لم يرد هذا ، وأنه لم ينفرد بهذا القول . والدليل عليه قوله " في الصحيح من المذهب " فدل أن في المذهب خلافا موجودا قبله غير ذلك ، وإنما الخلاف فيما إذا كثر عدد الطاهر على ما تقدم . 
أما إذا تساويا ، أو كان عدد النجس أكثر : فلا خلاف في عدم التحري ، إلا توجيه لصاحب الفائق ، مع التساوي ، ردا إلى الأصل . فيحتاج كلام  المصنف  إلى جواب لتصحيحه .  [ ص: 73 ] فأجاب ابن منجا  في شرحه ، بأن قال : هذا من باب إطلاق اللفظ المتواطئ إذا أريد به بعض محاله . وهو مجاز سائغ . 
قلت : ويمكن أن يجاب عنه بأن الإشكال إنما هو في مفهوم كلامه ، والمفهوم لا عموم له عند  المصنف  ،  وابن عقيل  والشيخ تقي الدين  ، وغيرهم من الأصوليين ، وأنه يكفي فيه صورة واحدة ، كما هو مذكور في أصول الفقه . وهذا مثله ، وإن كان من كلام غير الشارع . ثم ظهر لي جواب آخر أولى من الجوابين ، وهو الصواب وهو أن الإشكال إنما هو على القول المسكوت عنه . ولو صرح به  المصنف  لقيده . وله في كتابه مسائل كذلك ، نبهت على ذلك في أول الخطبة . 
فوائد 
إحداهما : ظاهر كلام الأصحاب القائلين بالتحري : أنه لا يتيمم وهو صحيح . واختار في الرعاية الكبرى : أنه يتيمم معه . فقد يعايى بها . الثانية : حيث أجزنا له التحري ، فتحرى فلم يظن شيئا . قال في الرعاية الكبرى : أراقهما ، أو خلطهما بشرطه المذكور . انتهى . 
قلت : فلو قيل بالتيمم من غير إراقة ولا خلط . لكان أوجه ، بل هو الصواب ; لأن وجود الماء المشتبه هنا كعدمه . 
تنبيه : محل الخلاف : إذا لم يكن عنده طهور بيقين . 
أما إذا كان عنده طهور بيقين . فإنه لا يتحرى ، قولا واحدا . 
ومحل الخلاف أيضا : إذا لم يمكن تطهير أحدهما بالآخر : فإن أمكن تطهير أحدهما بالآخر : امتنع من التيمم . قاله الأصحاب ; لأنهم إنما أجازوا التيمم هنا بشرط عدم القدرة على استعمال الطهور . وهنا هو قادر على استعماله .  [ ص: 74 ] 
مثاله : أن يكون الماء النجس دون القلتين بيسير . والطهور قلتان فأكثر بيسير  ، أو يكون كل واحد قلتين فأكثر . ويشتبه . ومحل الخلاف أيضا : إذا كان النجس غير بول . فإن كان بولا لم يتحر ، وجها واحدا . قاله في الكافي ،  وابن رزين  ، وغيرهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					