عجبت لمن يبكي على فقد غيره دموعا ولا يبكي على فقده دما     وأعجب من ذا أن يرى عيب غيره 
عظيما وفي عينيه عن عيبه عمى 
ويحرم الندب والنياحة ، نص عليهما ، والصراخ ، وخمش الوجه ، ونتف الشعر ونشره ، وشق الثوب ، ولطم الخدود ، ونحوه ( و ) زاد جماعة : والتحفي ، قال في الفصول : يحرم النحيب والتعداد والنياحة وإظهار الجزع ، وذكره ابن عبد البر في النياحة ( ع ) وأطلق بعضهم الكراهة ; لأنه { نهى عن النياحة ، فقالت أم عطية : إلا ال فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية ، فلا بد لي من أن أسعدهم ، فقال إلا آل فلان } متفق عليه ، وهو خاص بها ، لخبر أنس : { لا إسعاد في الإسلام } رواه أحمد ; ولأنه معتاد فيه ما يحرم ، ولم ينهها مع حداثتها بالإسلام ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وعنه : يكره الندب والنوح الذي ليس فيه إلا تعداد المحاسن بصدق ، وذكر الشيخ أن عن أحمد [ ص: 291 ] ما يدل على إباحتهما ، وأنه اختيار الخلال وصاحبه ، وجزم صاحب المحرر أنه لا بأس بيسير الندب إذا كان صدقا ، ولم يخرج مخرج النوح ، ولا قصد نظمه ، نص عليه ، كفعل أبي بكر وفاطمة رضي الله عنهما .
وجاءت الأخبار المتفق على صحتها بتعذيب الميت بالنياحة والبكاء عليه ، فحمله ابن حامد على ما إذا أوصى به ; لأن عادة العرب الوصية بفعله ، فخرج على عادتهم ، في شرح مسلم : هو قول الجمهور ، وهو ضعيف ، فإن سياق الخبر يخالفه ، ويأتي في آخر الباب ، وحمله الأثرم على من كذب به حتى يموت وقيل : يتأذى بذلك مطلقا ، واختاره شيخنا ، وقيل : يعذب .
وقال في التلخيص : يتأذى بذلك إن لم يوص بتركه ، كما كان السلف يوصون ، ولم يعتبر كون النياحة عادة أهله : واختار صاحب المحرر أن من هو عادة أهله ولم يوص بتركه عذب ، لأنه متى ظن وقوعه ولم يوص فقد رضي ولم ينه مع قدرته .
وما هيج المصيبة من وعظ وإنشاد شعر فمن النياحة ، قاله شيخنا ، ومعناه لابن عقيل في الفنون ، فإنه لما توفي ابنه عقيل قرأ قارئ { يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين } فبكى ابن عقيل وبكى الناس فقال للقارئ : يا هذا إن كنت تهيج الحزن فهو نياحة بالقرآن ، ولم ينزل للنوح بل له لتسكين الأحزان .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					