الرابع : لبس المخيط في بدنه أو بعضه  بما عمل على قدره إجماعا ولو درعا منسوجا أو لبدا معقودا أو نحو ذلك ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبس المحرم ، قال : لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين   } متفق عليه من حديث  ابن عمر    . زاد  البخاري    : { ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين    } قال جماعة بما عمل على قدره وقصد به . 
وقال  القاضي  وغيره : ولو كان غير معتاد ، كجورب في كف وخف في رأس ، كفر ، وفي صيف ، وقليل اللبس وغيره سواء ( و  ش    ) لظاهر قوله { فمن كان منكم مريضا    } الآية ; ولأنه 
 [ ص: 369 ] استمتاع ، فاعتبر فيه مجرد الفعل ، كوطء في فرج أو محظور فلا تتقدر فديته بزمن كغيره واللبس في العادة مختلف ، ولا يحرم أن يأتزر بقميص  بخلاف مسألتنا . وعند  أبي حنيفة    : في أقل من يوم أو من ليلة صدقة ، وعند  مالك    : إن لم يحصل له انتفاع ما بأن نزعه في الحال فلا فدية ، فإن أحرم في قميص ونحوه  خلعه ولم يشقه ولا فدية ; لأن {  يعلى بن أمية  أحرم في جبة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بخلعها   } متفق عليه ، ولأبي داود    : { فخلعها من رأسه   } . ولم يأمره بشق ولا فدية . وقال بعض العلماء يشقه لئلا يتغطى رأسه بنزعه . وإن استدام لبسه لحظة فوق المعتاد في خلعه فدى ، على ما سبق ، وإن عدم إزارا لبس سراويل نص عليه ( و  ش    ) لقول  ابن عباس    : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { يخطب بعرفات  من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل للمحرم   } متفق عليه رواه الأثبات ، وليس فيه بعرفات    " قال  مسلم    : لم يذكر أحد منهم " بعرفات    " غير  شعبة    . 
وقال  البخاري    : تابعه  ابن عيينة  عن  عمر  ، وذكر  الدارقطني  أنه تابعه  سعيد بن زيد  أخو حماد   ولمسلم  عن  جابر  مرفوعا مثله ، وليس فيه { يخطب بعرفات    } أجاز لبس السراويل  مطلقا لعدم الإزار . فلو اعتبر فتقه لم يعتبر عدمه ، ولم يشتبه على أحد ، ولم يوجب فدية ، وحملها أولى من جواز اللبس ; ولأنه جعله  [ ص: 370 ] بدلا ، وهو يقوم مقام المبدل . ومتى وجد إزارا خلع السراويل . 
وعند  أبي حنيفة   ومالك    : إن لبس سراويل فدى ، قال الطحطاوي  ، لا يجوز لبسه حتى يفتقه ، ومعناه في الموطإ وأنه لم يسمع بلبسه ; لأنه لم يرو الخبر فيه ، وجوزه أصحابه والرازي  بلا فتق ، ويفدي . 
وفي الانتصار احتمال يلبس سراويل للعورة فقط . وإن عدم نعلين لبس خفين  بلا فدية ، نقله الجماعة ، ولا يقطع خفيه ، قال  أحمد    : هو فساد ، واحتج  الشيخ  وغيره بالنهي عن إضاعة المال ، وجوزه  أبو الخطاب  وغيره ، وقاله  القاضي   وابن عقيل  وإن فائدة التخصيص كراهته لغير إحرام ، لخبر  ابن عباس  السابق ، قال  أبو الشعثاء   لابن عباس    : لم يقل : ليقطعهما ، قال : لا ، رواه  أحمد    : حدثنا يحيى  عن  ابن جريج  أخبرني عمرو بن دينار  عنه . صحيح . وطاف عبد الرحمن  بخفين فقال له  عمر    : والخفان مع القباء ؟ قال : لبستهما مع من هو خير منك يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه  أبو حفص العكبري  ورواه  أبو بكر النجاد    . 
وروي أيضا عن  ابن عمر    : الخفان نعلان لمن لا نعل له . ومن رواية الحارث  عن  علي  وعن  ابن عباس    . وأن المسور بن مخرمة  لبسهما وهو محرم وقال : أمرتنا به عائشة    ; ولأن في قطعه ضررا ، كالسراويل فإنه يمكنه فتقه ويستر عورته ولا يلبسه على هيئته ويلبسه وإن لم يكن بحضرة أحد ،  وعنه    : إن لم يقطعهما دون كعبيه فدى 
( و ) لخبر  ابن عمر  ، والجواب : أن زيادة القطع لم يذكرها جماعة ممن روى الخبر عن  نافع   [ ص: 371 ] ورواها  عبيد الله بن عمر    [ عن  نافع  عن  ابن عمر    ] من قوله ، ورواها أبو القاسم بن بشران  في أماليه بإسناد صحيح من قول  نافع  عن حمزة بن محمد الدهقان  عن العباس الدوري  عن كثير بن هشام  عن جعفر بن برقان  عنه ، ورواها  مالك  وأيوب  وجماعة من الأئمة فرفعوها ، فقد اختلف فيها ، فإن صحت فهي بالمدينة  ، لرواية  أحمد  عن  ابن عمر    {   : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر   } وذكره  وللدارقطني  أن رجلا نادى في المسجد : ما يترك الحرام من الثياب ؟ قال  الدارقطني    : سمعت أبا بكر النيسابوري  يقول : هو في حديث  ابن جريج  وليث بن سعد   وجويرية بن أسماء  عن  نافع  عنه ، وخبر  ابن عباس  بعرفات  
، فلو كان القطع واجبا لبينه للجمع العظيم الذين لم يحضر أكثرهم أو كثير منهم كلامه بالمسجد في موضع البيان ووقت الحاجة ، لا يقال : اكتفى بما سبق ; لأنه يقال : فلم ذكر لبسهما ؟ والمفهوم من إطلاقه لبسهما بلا قطع ، ثم يحمل على الجواز كما سبق في كلام  القاضي  وأجاب عن قولهم : المقيد يقضي على المطلق بالمنع في رواية ، ثم إذا لم يمكن تأويله ، وعن قولهم : فيه زيادة لفظ : بأن خبرنا فيه زيادة حكم جواز اللبس بلا قطع  ، يعني : وهذا الحكم لم يشرع بالمدينة  ، وقاله شيخنا  ، وهو أولى من دعوى  الشيخ  ، كما قاله صاحب المغني والمحرر . 
وفي كلام  القاضي  من كلام أبي داود  وما ذكر الشيخ أن ابن أبي موسى  رواه نظر . وإن لبس مقطوعا دونهما مع وجود نعل  لم يجز وفدى ، نص عليه ( و هـ    م    ) 
 [ ص: 372 ] لأنه عليه السلام شرط لجواز لبسهما عدم النعلين ، وأجازه ; لأنه يقارب النعلين ، ولم يجزه لإسقاط الفدية ; ولأنه محيط لعضو بقدره ، كغيره ، وذكر  القاضي  في المسألة الأولى جوازه  وابن عقيل  في مفرداته وصاحب المحرر وشيخنا    ; لأنه ليس بخف ، وإنما أمرهم بالقطع أولا ; لأن رخصة البدل لم تكن شرعت ; لأن المقطوع يصير كنعل ، فإباحته أصلية ، وإنما المباح بطريق البدل الخف المطلق ، وإنما شرط عدم النعل ; لأن القطع مع وجوده إفساد ،  وللشافعي  قولان . ولبس اللالكة والجمجم  ونحوهما يجوز على الثاني لا الأول ، وإن وجد نعلا لا يمكنه لبسها لبس الخف ولا فدية ، وعند  أحمد    : يفدي . وتباح النعل  كيف كانت ، لإطلاق إباحتها ،  وعنه    : في عقب النعل أو قيدها السير المعترض على الزمام الفدية ، وذكره في الإرشاد ، قال  القاضي    : مراده العريضين ، وصححه بعضهم ; لأنه معتاد فيها ، وربما تعذر المشي بدونه ، وكما لا يجب قطع الخف وأولى ، والران كخف 
     	
		 
				
						
						
