ويحرم تشبه رجل بامرأة ، وعكسه في لباس  ، وغيره ، واحتج  أحمد  بلعن فاعل ذلك . 
وفي المستوعب وغيره يكره ، وقد كره  أحمد  أن يصير للمرأة مثل ثوب الرجال ، ويأتي في زكاة الأثمان ، ويكره نظر ملابس الحرير ، وآنية ذهب وفضة  ، إن رغبه في التزين بها ، والمفاخرة ، وحرمه  ابن عقيل  ، وقال : والتفكر الداعي إلى صور المحظور محظور ، ثم ذكر تفكر الصائم وأنه يحرم استدامة ريح الخمر كاستماع الملاهي ، وأنه يحرم التشبه بالشراب في مجلسه ، وآنيته ، لنهيه عليه السلام عن التشبه بالأعاجم ، وقال في مناظراته : معلوم أن التشبه بالعجم لا يظهر مناسبته للتحريم ، واحتج في الخلاف بهذا  [ ص: 360 ] الخبر ، وبقوله عليه السلام . { من تشبه بقوم فهو منهم   } على تحريم إناء مفضض ، وقال في مكان آخر : يكره لبس ما يشبه زي الكفار  دون العرب  ، وقاله أيضا غيره ، وعن  ابن عمر  مرفوعا : { من تشبه بقوم فهو منهم   } رواه  أحمد   وأبو داود  وإسناده صحيح ، قال شيخنا    : أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه . وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ، كما في قوله تعالى : { ومن يتولهم منكم فإنه منهم    } قيل : ( من يتولهم ) في الدين ( فإنه منهم ) في مخالفة الأمر ، وذكر المفسرون في قوله { لا تجد قوما    } الآية أن الله يبين أن الإيمان يفسد بمودة الكفار ، وإن من كان مؤمنا لم يوال كافرا ولو كان قريبه . 
وقال ابن الجوزي  بينت هذه الآية أن ذلك يقدح في صحة الإيمان ولم يرد أنه يصير كافرا بذلك ، وكان المروذي  مع  أحمد  بالعسكر في قصر فأشار إلى شيء على الجدار قد نصب ، فقال له  أحمد    : لا تنظر إليه ، قال قلت " فقد نظرت إليه " قال : فلا تفعل ، لا تنظر إليه ، قال : وسمعته يقول : تفكرت في هذه الآية { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى    } قال : رزق يوم بيوم خير ، قال ولا تهتم لرزق غد ، قال المروذي    : وذكرت رجلا من المحدثين فقال : أنا أشرت به أن يكتب عنه ، وإنما أنكرت عليه حبه للدنيا ، وذكر  أبو عبد الله  من المحدثين  علي بن المديني  وغيره ، وقال : كم تمتعوا من الدنيا إني لأعجب من هؤلاء المحدثين حرصهم على الدنيا ، قال وذكرت لأبي عبد الله  رجلا من المحدثين ، فقال : إنما أنكرت  [ ص: 361 ] عليه أن ليس زيه زي النساك ، قال :  ابن الجوزي    : قال أبي بن كعب    : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات على الدنيا ،  ولمسلم  عن  أبي عثمان النهدي  قال : كتب إلينا  عمر  يا عتبة بن فرقد    " إنه ليس من كدك ، ولا من كد أبيك ، ولا من كد أمك ، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك ، وإياك والتنعم ، وزي أهل الشرك ، ولبوس الحرير " ، وهو في مسند أبي عوانة الإسفراييني  ، وغيره بإسناد صحيح ، أما بعد " فاتزروا وارتدوا ، وألقوا الخفاف ، والسراويلات ، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل  ، وإياكم والتنعم وزي الأعاجم ، وعليكم بالشمس ، فإنها حمام العرب  ، وتمعددوا واخشوشنوا ، واقطعوا الركب ، واتزروا ، وارموا الأعراض " [ زي بكسر الزاي ولبوس بفتح اللام وضم الباء ] ورواه  أحمد  ، حدثنا  يزيد وهو ابن هارون  ، ثنا عاصم وهو الأحول  عن  أبي عثمان النهدي  ، عن  عمر  أنه قال : اتزروا وارتدوا وانتعلوا ، وألقوا الخفاف ، والسراويلات . وألقوا الركب ، وانزوا نزوا وعليكم بالمعدية وارموا الأعراض ، وذروا التنعم وزي العجم ، وإياكم والحرير " حديث صحيح ، وقوله : وانزروا ، أي ثبوا وثبا ، والمعدية اللبسة الحسنة ، إشارة إلى معد بن عدنان  ، وروى  الطبراني  في المعجم عن أبي حدرد الأسلمي  مرفوعا { تمعددوا واخشوشنوا   } وعن  حذيفة  مرفوعا " اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر   وعمر  ، اهتدوا بهدي  عمار  ، وتمسكوا بعهد  عبد الله بن مسعود    { قلت : ما هدي  عمار  ؟ قال : القشف ، والتشمير   } روى أوله  ابن ماجه  ، والترمذي  ، وحسنه ،  [ ص: 362 ]  وابن حبان   والحاكم    . 
وقال تفرد به أحمد بن نصر النيسابوري  ، قال غيره : وهو ثقة ، وعن  معاذ    : { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن  قال إياك والتنعم ، فإن عباد الله ليسوا بمتنعمين   } رواه  أحمد  ، قال في كشف المشكل : الآفة في التنعم من أوجه : أحدها أن المشتغل لا يكاد يوفي التكليف حقه ، الثاني أنه من حيث الأكل يورث الكسل ، والغفلة ، والبطر ، والمرح ، ومن اللباس ما يوجب لين البدن ، فيضعف عن عمل شاق ، ويضم ضمنه الخيلاء ، ومن ( حيث ) النكاح يضعف عن أداء اللوازم ، الثالث أن من ألفه صعب عليه فراقه ، فيفنى زمانه في اكتسابه ، خصوصا في النكاح ، فإن المتنعمة تحتاج إلى أضعاف ما تحتاج إليه غيرها ، قال : والإشارة بزي أهل الشرك إلى ما يتفردون به ، فنهى عن التشبه بهم ، بل قال ابن الجوزي    : ينبغي غض البصر عن أهل المعاصي ، والظلم ، وزخارف الدنيا ، وما يحببها إلى القلب ، ويأتي في تكفين الميت ، ودفنه ، وزكاة الأثمان ما يتعلق باللباس ، وعن  أبي هريرة  رضي الله عنه مرفوعا { إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم   } إسناده جيد ، رواه  أحمد   وأبو داود   وابن ماجه  والترمذي  ،  والنسائي  عنه { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه : عمامة ، أو قميصا ، أو رداء ، ثم يقول : اللهم لك الحمد ، أنت كسوتنيه ، أسألك خيره وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له   } إسناده جيد رواه  أحمد   وأبو داود  ، والترمذي  ، وحسنه وعن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون  عن سهل بن معاذ بن أنس   [ ص: 363 ] عن أبيه مرفوعا : { من لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي كساني هذا ، ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر   } ، رواه  أبو داود   والبيهقي  ،  والحاكم    . 
وقال صحيح على شرط  البخاري  ، وعندهم أيضا { من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمنا هذا   } وذكروه ، رواه  أحمد   وابن ماجه  والترمذي  وقال حسن غريب ولم أجد عندهم " وما تأخر " وإسناد هذا الخبر لين ، وغايته أنه حسن وهو إلى الضعف أقرب 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					