وأطفال الكفار  في النار ،  وعنه  الوقف ، واختار  ابن عقيل  وابن الجوزي  في الجنة كأطفال المسلمين . ومن بلغ منهم مجنونا ، واختار  [ ص: 184 ] شيخنا  تكليفهم في القيامة ، للأخبار ومثلهم من بلغ منهم مجنونا ، فإن جن بعد بلوغه فوجهان ( م 8 ) وظاهره يتبع أبويه بالإسلام كصغير ، فيعايا بها . ونقل ابن منصور  فيمن ولد أعمى أبكم أصم وصار رجلا : وهو بمنزلة  [ ص: 185 ] الميت  هو مع أبويه وإن كانا مشركين ثم أسلما بعد ما صار رجلا ، قال : هو معهما ، ويتوجه مثلهما من لم تبلغه الدعوة ، وقاله شيخنا  وذكر في الفنون عن أصحابنا : لا يعاقب ، قال : وإذا منع حائل البعد شروط التكليف فأولى فيهما ، ولعدم جواز إرسال رسول إليهما بخلاف أولئك ، وقال : إن عفو الله عن الذي كان يعامل ويتجاوز لأنه لم تبلغه الدعوة وعمل بخصلة من الخير . 
وفي نهاية المبتدئ : لا يعاقب ، وقيل : بلى إن قيل بحظر الأفعال قبل الشرع . 
وقال ابن حامد    : يعاقب مطلقا لقوله تعالى : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى    } وهو عام ، ولأن الله ما أخلى عصره من قائم له بحجة ، كذا قال . 
 ولأحمد   ومسلم  عن  أبي هريرة  مرفوعا { والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار   } قال في شرح  مسلم    : خص اليهود  والنصارى  للتنبيه لأن لهم كتابا ، قال : وفي مفهومه إن لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور ، قال : وهذا جار على ما تقرر في الأصول لا حكم قبل ورود الشرع ، على الصحيح . قال  القاضي أبو يعلى  في قوله : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا    } في هذا دليل على أن معرفة الله لا تجب عقلا ، وإنما تجب بالشرع ، وهو بعثة الرسل وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك لم يقطع عليه بالنار . 
قال : وقيل : معناه أنه لا يعذب فيما طريقه السمع إلا بقيام حجة السمع  [ ص: 186 ] من جهة الرسول ولهذا قالوا : لو أسلم بعض أهل الحرب في دار الحرب ولم يسمع بالصلاة والزكاة ونحوها  لم يلزمه قضاء شيء منها ، لأنها لم تلزمه إلا بعد قيام حجة السمع . 
والأصل فيه قصة أهل قباء  حين استداروا إلى الكعبة  ولم يستأنفوا . ولو أسلم في دار الإسلام ولم يعلم بفرض الصلاة  قالوا : عليه القضاء ; لأنه قد رأى الناس يصلون في المساجد بأذان وإقامة ، وذلك دعا إليها ، ذكر ذلك ابن الجوزي  ، ولم يزد عليه ، فدل على موافقته . والمشهور في أصول الدين عن أصحابنا أن معرفة الله تعالى وجبت شرعا ، نص عليه ، وقيل : عقلا ، وهي أول واجب لنفسه ، ويجب قبلها النظر لتوقفها عليه ، فهو أول واجب لغيره ، ولا يقعان ضرورة ، وقيل : بلى ، وكذا إن أعدما أو أحدهما بلا موت ، كزنا ذمية ولو بكافر ، أو اشتباه ولد مسلم بولد كافر ، نص عليهما ، قال  القاضي    : أو وجد بدار حرب ، وقال في مسألة الاشتباه : تكون القافة في هذا ؟ قال : ما أحسنه ، وإن لم يكفرا ولدهما ومات طفلا دفن في مقابرنا ، نص عليه واحتج بقوله { فأبواه يهودانه   } قال صاحب النظم . كلقيط ، ويتوجه كالتي قبلها ، ويدل على خلاف النص عن  أبي هريرة  مرفوعا { ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه فقال رجل :  [ ص: 187 ] يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين   } متفق عليه . 
وفي  مسلم    { على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه   } وفسر  أحمد  الفطرة فقال : التي فطر الله الناس عليها ، شقي أو سعيد ، قال  القاضي    : المراد به الدين ، من كفر أو إسلام ، قال : وقد فسر  أحمد  هذا في غير موضع ، وذكر  الأثرم    : معناه على الإقرار بالوحدانية حين أخذهم من صلب آدم    { وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى    } وبأن له صانعا ومدبرا وإن عبد شيئا غيره وسماه بغير اسمه وأنه ليس المراد على الإسلام ; لأن اليهودي يرثه ولده الطفل ، إجماعا ، ونقل يوسف    : الفطرة التي فطر الله العباد عليها ، وقيل له في رواية  الميموني    : هي التي فطر الله الناس عليها الفطرة الأولى ؟ قال : نعم . قال ابن حامد    : اختلف قوله في تعذيب أطفال المشركين والكلام منه في ذلك مبني على ما مقالته في تفسير الفطرة . 
ثم ذكر هذه الروايات . وقال  ابن عقيل    : المراد به يحكم بإسلامه ما لم يعلم له أبوان كافران ، ولا يتناول من ولد بين كافرين لأنه انعقد كافرا ، كذا قال . وإن بلغ ممسكا عن إسلام وكفر قتل قاتله ، وفيه احتمال ، وقيل : يقتل إن حكم بإسلامه بما تقدم ، لا بالدار . ذكره  أبو الخطاب  وغيره . 
     	
		  [ ص: 183 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					