فصل وينحرف الإمام إلى المأموم جهة قصده ، وإلا فعن يمينه ، فإن مكث كثيرا وعنه قليلا وليس ثم نساء ولا حاجة كره ، فينصرف المأموم إذن ، وإلا استحب ألا ينصرف قبله ، ويستغفر ثلاثا ، ويذكر بعدهما كما ورد عن  عائشة    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار أن يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام   } وعن  ثوبان    : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم استغفر ثلاثا ، ويقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام   } . 
وعن  عبد الله بن الزبير    { أنه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم    : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ،  [ ص: 449 ] وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة   } رواهن  مسلم    . 
{ وعن  ابن عباس  أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة ، كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم   } . 
وفي رواية { ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير   } . 
وعن  المغيرة بن شعبة  أنه كتب إلى  معاوية    { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، ثم وفدت على  معاوية  فوجدته يأمر الناس بذلك   } متفق على ذلك ، وعن  كعب بن عجرة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة ثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، وأربع وثلاثون تكبيرة   } وفي الصحيحين من حديث  أبي هريرة    { تسبحون ، وتحمدون ، وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين   }  وللبخاري  في رواية { تسبحون في دبر كل صلاة عشرا ، وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا   } . 
 ولمسلم  أيضا " إحدى عشرة إحدى عشرة " وله أيضا { من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون ، ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له  [ ص: 450 ] له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر   } . 
 ولمسلم  عن  أبي ذر  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له { تسبح خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وتكبر ثلاثا وثلاثين ، وتحمد ثلاثا وثلاثين   } . 
وللترمذي   والنسائي  عن  ابن عباس  قال : { جاء الفقراء ، فقالوا يا رسول الله إن الأغنياء يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ولهم أموال يعتقون ويتصدقون ، ؟ ؟ قال : فإذا صليتم فقولوا سبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة ، والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة ، والله أكبر أربعا وثلاثين مرة ، ولا إله إلا الله عشر مرات فإنكم تدركون من سبقكم ، ولا يسبقكم من بعدكم   } وفي  البخاري  عن  ابن عباس  في قوله { وأدبار السجود    } قال أمره أن يسبح في أدبار الصلاة كلها وعن  زيد بن ثابت  قال { أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ونحمد ثلاثا وثلاثين ، ونكبر أربعا وثلاثين ، فأتى رجل من الأنصار  في المنام فقيل له : أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا في دبر كل صلاة كذا وكذا ؟ ؟ قال الأنصاري : نعم ، قال فاجعلوها خمسا وعشرين ، خمسا وعشرين ، واجعلوا فيها للتهليل ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فافعلوا   } إسناده جيد ، رواه  أحمد   والنسائي  ، وعنده أمروا بدل أمرنا  ولأحمد   وأبي داود  والترمذي   والنسائي   وابن ماجه  عن  عبد الله بن عمر  مرفوعا { خلتان وفي رواية خصلتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة وهما يسير ، ومن يعمل بهما قليل قالوا وما هما يا رسول الله  [ ص: 451 ] قال : أن تحمد الله وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرا عشرا ، وإذا أويت إلى مضجعك تسبح الله وتكبره وتحمده مائة ، فتلك خمسون ومائتان باللسان ، وألفان وخمسمائة في الميزان فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة ؟ ؟ قالوا : كيف من يعمل بهما قليل ؟ قال : يجيء أحدكم الشيطان في صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا ، فلا يقولها ، ويأتيه عند منامه فينومه فلا يقولها قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده   } ، وذكر في المذهب والمستوعب وغيرهما أنه يسبح ثلاثا وثلاثين ، ويحمد كذلك ، ويكبر أربعا وثلاثين قال ويقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير . 
وفي المستوعب وغيره وهو حي لا يموت ، بيده الخير كذا قالوا ، واتباع السنة أولى وعن  شهر بن حوشب  عن  عبد الرحمن بن غنم  ، وعن  أبي ذر  مرفوعا { من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجليه قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه ، وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله   } رواه الترمذي    . 
وقال حسن صحيح . 
وقال في المذهب وغيره : يستحب هذا في الفجر فقط ، بناء على ما رواه من الخبر (  وشهر    ) متكلم فيه جدا واختلف عنه ، فروي كما سبق ، ورواه  النسائي  في اليوم والليلة كذلك ورواه أيضا عن  عبد الرحمن بن غنم  عن  [ ص: 452 ]  معاذ  مرفوعا ورواه  أحمد  عنه عن  عبد الرحمن بن غنم  مرفوعا ، وقال فيه { صلاة المغرب والصبح   } ولهذا مناسبة ويكون الشارع شرعه أول النهار ، وأول الليل ، لتحرس به من الشيطان فيهما ، وله شاهد يأتي وعبد الرحمن  مختلف في صحبته ويتوجه أن قوله قبل أن يتكلم أي بالكلام الذي كان ممنوعا منه في الصلاة ، أو يكون المراد قبل أن يتكلم مع غيره كما يأتي في التعوذ من النار ، قال في المستوعب وغيره : ويقرأ آية الكرسي ، ولم يذكره جماعة وظاهر الأول ولو جهرا ، ولعله غير مراد لعدم نقله ، واختار شيخنا  سرا ، لخبر  محمد بن حمير  عن محمد بن زياد  عن أبي أمامة    { من قرأ آية الكرسي وقل هو الله أحد دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت   } إسناده جيد ، وقد تكلم فيه ، ورواه  الطبراني   وابن حبان  في صحيحه وكذا صححه صاحب المختارة من أصحابنا ، قال بعضهم : ويقرأ المعوذتين ، وهو متجه ، ولم يذكره الأكثر ، وزاد بعضهم { قل هو الله أحد    } وعن  عقبة بن عامر  قال : { أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة   } له طرق ، وهو حديث حسن وصحيح ، رواه  أحمد   وأبو داود   والنسائي  والترمذي  ، وقال غريب ، قال بعض أصحابنا وفي هذا سر عظيم في دفع الشر من الصلاة إلى الصلاة  وللنسائي  عنه مرفوعا { ما سأل سائل بمثلهما ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما   } حديث حسن وعنه مرفوعا { يا عقبة  تعوذ بهما ، فما تعوذ متعوذ بمثلهما   } حديث حسن مختصر  لأبي داود  ، من رواية  أبي إسحاق    . 
، وعن  أبي سعيد    { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان وعين  [ ص: 453 ] الإنسان ، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما   } رواه  النسائي   وابن ماجه  والترمذي  وقال حسن غريب ، وعن عبد الرحمن بن حسان  عن مسلم بن الحارث التميمي  عن أبيه ، وقيل الحارث بن مسلم  عن أبيه ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إليه فقال : إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل : اللهم أجرني من النار سبع مرات   } وفي رواية { قبل أن تكلم أحدا ، فإنك إذا قلت ذلك ثم مت في ليلتك كتب لك جوار منها ، وإذا صليت الصبح فقل مثل ذلك فإنك إذا مت من يومك كتب لك جوار منها قال الحارث  أسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نخص بها إخواننا   } رواه  أبو داود  وعبد الرحمن  تفرد عن هذا الرجل ، فلهذا قال  الدارقطني  لا يعرف ، وكذا رواه  أحمد    . 
وفي لفظ { قبل أن تكلم أحدا من الناس   } وعن عمارة بن شبيب  مرفوعا : { من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات على إثر المغرب بعث الله له مسلحة يحفظونه حتى يصبح ، وكتب له عشر حسنات موجبات ، ومحا عنه عشر سيئات موبقات ، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات   } رواه الترمذي  وقال غريب ورواه  النسائي  في اليوم والليلة ، ورواه أيضا فقال عمارة بن شبيب  إن رجلا من الأنصار  حدثه فذكر نحوه ، وإسنادهما جيد ، وقيل ابن شبيب  لا صحبة له ، وتفرد عنه أبو عبد الرحمن الجبلي  ، ويتوجه أن هذا ليس بدون خبر  أبي ذر  ، ويتوجه له ، حيث ذكر العدد في ذلك فإنما قصد أن لا ينقص منه ، أما الزيادة فلا تضر ، لا سيما عند غير قصد ، لأن الذكر  [ ص: 454 ] مشروع في الجملة ، فهو يشبه المقدر في الزكاة إذ زادا عليه . ويفرغ من عدد التسبيح والتحميد والتكبير معا ، لقول أبي صالح السمان  راوي الخبر عن  أبي هريرة  في الصحيحين ، وعنه يخير بينه ، وبين إفراد كل جملة ، واختار القاضي الإفراد لما سبق ، ويعقده والاستغفار بيده ، نص عليه . 
				
						
						
