[ ص: 168 ] فصل . يكره الأنين على  الأصح ، وكذا تمني الموت  عند الضرر ، كذا قيدوا ، وكذا في الخبر ، ولعل المراد أنه خرج على الغالب ، وأنه يكره مطلقا ، ولهذا قال : { إما محسنا فيزداد وإما مسيئا فلعله يستعتب   } قال عليه السلام : { فإن كان لا بد متمنيا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي   } رواه  أحمد   والبخاري   ومسلم  من حديث  أنس    . وقيل : يستحب هذا ، جزم به بعضهم ، ولعل المراد : مع عدم الضرر ، جمعا بينه وبين خبر  عمار  أنه صلى صلاة فأوجز فيها ، فأنكروا ذلك ، فقال : ألم أتم الركوع والسجود ؟ قالوا : بلى ، قال : أما إني قد دعوت فيها بدعاء { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني ، إذا كانت الوفاة خيرا لي ، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وكلمة الحق في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، ولذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك ، وأعوذ بك من ضراء مضرة ، ومن فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين   } ، رواه  النسائي  عن  يحيى بن حبيب بن عربي  عن حماد بن زيد  عن  عطاء بن السائب  عن أبيه قال : صلى بنا  عمار  ، فذكره . سمع حماد  من  عطاء  قبل أن يتغير ، فهو حديث جيد ، ورواه  أحمد    : حدثنا  إسحاق الأزرق  ، عن شريك   ، وعن أبي هاشم  ، عن أبي مجلز  قال : صلى بنا  عمار  ، فذكره .  [ ص: 169 ] ولا يكره لضرر بدينه ، ويتوجه : يستحب ، للخبر المشهور { وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون   } إسناده جيد ، رواه  أحمد  ، والترمذي  وصححه ، قال  أحمد  في رواية المروذي    : أنا أتمنى الموت صباحا ومساء أخاف أن أفتن في الدنيا . 
وقال في رواية محمد بن عوف    : الفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس . 
ومراد الأصحاب [ رحمهم الله ] : غير تمني الشهادة على ما في الصحيح : { من تمنى الشهادة خالصا من قلبه أعطاه الله منازل الشهداء   } ، وفي  البخاري  أن  عمر  سأل الله الشهادة ، وروي عن الصحابة في قصة أحد  وغيرها ، وذكره بعضهم في كتابه الهدي ، وفي فنون  ابن عقيل    : قال عالم يوما لكرب دخل عليه : ليتني لم أعش لهذا الزمان ، فقال متحذلق يدعي الزهد يريد أن يظهر اعتراضه على أهل العلم : لا تقل هذا وأنت إمام تتمنى على الله تعالى ، ما أراده الله بك خير مما تتمناه لنفسك ، وهذا اتهام لله ، فأجابه : من أين لك لسان تنطق بما لا نكير على العلماء ؟ كأنك تعلمهم ما لا يعلمون ، وتوهم أنك تدرك [ عليهم ] ما يجهلون . أليس الله قد حكى عن مريم    { يا ليتني مت قبل هذا    } وقال  أبو بكر الصديق    : يا ليتني كنت مثلك يا طائر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					