( قوله وقيام الإمام لا سجوده في الطاق ) أي المحراب لأن قيامه فيه يشبه صنيع أهل الكتاب بخلاف سجوده فيه وقيامه خارجه هكذا علل به في الهداية وهو أحد الطريقين للمشايخ وأصله أن محمدا [ ص: 28 ] صرح بالكراهة في الجامع الصغير ولم يفصل فاختلف المشايخ في سببها فقيل كونه يصير ممتازا عنهم في المكان لأنه في معنى بيت آخر وذلك صنيع أهل الكتاب واقتصر عليه في الهداية واختاره الإمام السرخسي وقال إنه الأوجه وقيل اشتباه حاله على من على يمينه ويساره فعلى الطريقة الأولى يكره مطلقا وعلى الثانية لا يكره عند عدم الاشتباه وفي فتح القدير ولا يخفى أن امتياز الإمام مقرر مطلوب في الشرع في حق المكان حتى كان التقدم واجبا عليه وغاية ما هنا كونه في خصوص مكان ولا أثر لذلك لأنه يحاذي وسط الصف وهو المطلوب إذ قيامه في غير محاذاته مكروه وغايته اتفاق الملتين في بعض الأحكام ولا بدع فيه على أن أهل الكتاب إنما يخصون الإمام بالمكان المرتفع على ما قيل فلا تشبه ا هـ .
وقد يقال إن امتياز الإمام المطلوب في الشرع حاصل بتقدمه من غير أن يقف في مكان آخر فمتى أمكن تمييزه من غير تشبه بأهل الكتاب تعين فحينئذ وقوفه في المحراب تشبه بأهل الكتاب لغير حاجة فكره مطلقا ولهذا قال الولوالجي في فتاويه وصاحب التجنيس إذا ضاق المسجد بمن خلف الإمام على القوم لا بأس بأن يقوم الإمام في الطاق لأنه تعذر الأمر عليه وإن لم يضق المسجد بمن خلف الإمام لا ينبغي للإمام أن يقوم في الطاق لأنه يشبه تباين المكانين ا هـ .
يعني : وحقيقة اختلاف المكان تمنع الجواز فشبهة الاختلاف توجب الكراهة وهو وإن كان المحراب من المسجد كما هي العادة المستمرة فصورته وهيئته اقتضت شبهة الاختلاف فالحاصل أن مقتضى ظاهر الرواية كراهة قيامه في المحراب مطلقا سواء اشتبه حال الإمام أو لا وسواء كان المحراب من المسجد أم لا وإنما لم يكره سجوده في المحراب إذا كان قدماه خارجه لأن العبرة للقدم في مكان الصلاة حتى تشترط طهارته رواية واحدة بخلاف مكان السجود إذ فيه روايتان وكذا لو حلف لا يدخل دار فلان يحنث بوضع القدمين وإن كان باقي بدنه خارجها والصيد إذا كان رجلاه في الحرم ورأسه خارج منه فهو صيد الحرم ففيه الجزاء


