قلت : أرأيت إن أخذت شجرا مساقاة ، أيصلح لي أن أشترط على رب المال ، الدلاء والحبال وأجيرا يعمل معي في الحائط ، أو عبدا من عبيد رب المال يعمل معي في الحائط  ؟ . 
قال : كل شيء ليس في الحائط يوم أخذت الحائط مساقاة ، فلا يصلح أن يشترط على رب المال شيء من ذلك ، إلا أن يكون الشيء التافه اليسير مثل الدابة أو الغلام . قلت : وهذا قول  مالك  ؟ قال : نعم . قلت : ولم كرهه  مالك  للعامل أن يشترط على رب المال ما ذكرت لك ؟ قال : لأنها زيادة ازدادها عليه . قلت : أرأيت التافه اليسير لم جوزته ؟ قال : لأن  مالكا  أيضا ، جوز لرب المال أن يشترط على المساقي خم العين ، وسرو الشرب ، وقطع الجريد ، وأبار النخل ، والشيء اليسير في الضفيرة يبنيها ، ولو عظمت نفقته في الضفيرة ، لم يصلح لها  [ ص: 564 ] أن يشترطه على العامل . 
قال : وقد بلغني أن  مالكا  سهل في الدابة الواحدة . وهو عندي ، إذا كان الحائط له قدر ، يكون حائطا كبيرا ; لأن من الحوائط - عندنا بالفسطاط    - من تجزئه الدابة الواحدة في عمله . فإذا كان الحائط هكذا له قدر ، كان قد اشترط على رب المال عمل الحائط بمنزلة الحائط الكبير الذي له العمل الكبير ، فيشترط عمل الحائط على رب المال - فلا يجوز ذلك عندي في الدابة التي وسع فيها  مالك  ، إنما ذلك في الحائط الكبير الذي يكثر عمله وتكثر مؤنته . قال : وقال لي  مالك    : وما مات من دواب الحائط أو رقيق الحائط ، الذين كانوا فيه يوم ساقاه ، فعلى رب المال أن يخلفهم للعامل ; لأنه على هذا عمل ، قال  مالك    : وإن اشترط رب الحائط على العامل ، أن ما مات من رقيق الحائط الذين كانوا فيه يوم ساقاه فعلى العامل في الحائط أن يخلفه    . 
قال : فلا خير في ذلك . قال : وليس يشبه الحائط الذي ليس فيه دواب ولا رقيق ، يوم دفعه رب المال مساقاة ، الحائط الذي فيه الدواب والرقيق يوم دفعه ربه مساقاة ; لأن الحائط الذي فيه الدواب والرقيق ، على صاحب الحائط أن يخلفهم ، ولا ينبغي له أن يشترط على العامل خلفهم . والحائط الذي ليس فيه رقيق ولا دواب ، لا ينبغي أن يشترطهم على رب المال ، ولا من مات منهم مما أدخل أن يشترط خلفه على رب المال . 
قلت : أرأيت إن أخذ الحائط مساقاة ، واشترط عليه رب المال أن يخرج ما في الحائط من غلمانه ودوابه ومتاعه فأخرجهم رب الحائط ، ثم عمل العامل على هذا ، فأخرج الحائط ثمرا كثيرا أو لم يخرج  ، ما القول في ذلك ؟ قال : أرى في هذا أنه أجير له أجر مثله ، ولا شيء له في الثمرة ، بمنزلة ما لو اشترط العامل على رب المال عمالا للنخل لم يكونوا في الحائط .  الليث بن سعد  عن  ابن أبي جعفر  قال : يكره أن يكون للرجل الحائط فيه النخل ، فيعطيه رجلا فيسقيه بناضح من عنده ويعالجه ، على أن لصاحب النخل كذا وكذا من الثمرة وللمساقي ما بقي . قال  ابن أبي جعفر    : نهى عنه  عمر بن عبد العزيز  في خلافته ; لأنه شبيه بالغرر ; لأن النخل ربما لم تخرج إلا ما اشترط صاحبها ، فيذهب سقي المساقي باطلا . 
 ابن وهب  قال : سئل  ربيعة  عن رجل أعطى رجلا حديقة عنب له ، يعمل فيها وعليه نفقته على النصف ، أو على الثلث أو بجزء ، أيجوز هذا ؟ قال : نعم ، وقال  الليث  مثله . قال : وسئل  ربيعة  عن رجل ، أعطى لرجل حديقة عنب له ، يعمل فيها ، ونفقته على رب العنب على النصف من ثمرتها أو ثلثيها ؟ قال : يكره ذلك . قال فقيل  لربيعة    : أرأيت إن كانت النفقة بينهما ؟ قال : لا يكون شيء من النفقة على رب العنب ، وعلى ذلك كانت مساقاة الناس . وقال  الليث  مثله . قال  ابن وهب    : وسئل  يحيى بن سعيد الأنصاري  ، أعلى أهل المساقاة عملها من أموالهم خالصا ؟ قال : نعم ، هي عليهم من أموالهم ، وعلى ذلك كانت المساقاة . قال  ابن وهب    : وسألت  الليث  عن المساقاة ؟ فقال  [ ص: 565 ] لي : المساقاة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن أعطى أهل خيبر  نخلهم وبياضهم يعملونها ، على أن لهم شطر ما يخرج منها . ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم شيئا .  الليث  وحدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي  وغيره من أهل المدينة  ، لم يزالوا يساقون نخلهم على أن الرقيق والدواب التي في النخل ، والآلة من الحديد وغيره للذي دفعت إليه المساقاة يستعين بها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					