قلت : أرأيت الطعام العفن بالطعام العفن ، أيصلح هذا مثلا بمثل ؟  قال    : إن كان ذلك العفن يشبه بعضه بعضا فلا بأس به ، وإن كان العفن متفاوتا فلا خير فيه ، وكذلك القمحان يكون فيهما من التبن والتراب الشيء الخفيف فلا بأس به مثلا بمثل ، ولو كان  [ ص: 296 ] أحدهما كثير التبن أو التراب حتى يصير ذلك إلى المخاطرة فيما بينهما ، أو يكون أحدهما نقيا والآخر مغشوشا كثير التبن والتراب ، فلا خير في ذلك إلا أن يكونا نقيين أو يكون ما فيهما من الغلث الشيء الخفيف . فإن كان ذلك كثيرا صار إلى المخاطرة وإلى طعام بطعام وليس مثلا بمثل ، وليس هذا يشبه ما اختلف من الطعام ، مثل البيضاء والسمراء أو الشعير والسلت بعض هذه الأصناف ببعض ; لأن هذين الصنفين إذا اختلفا جميعا فيتبايعانه ، ولأن هذين مغشوشان فلا يصلح ذلك . 
قلت : وكذلك لو كانت سمراء مغلوثة بشعير مغلوث ، أيصلح ذلك أم لا ؟ 
قال : لا خير في ذلك إلا أن يكون شيئا خفيفا بحال ما وصفت لك . 
قلت : وليس حشف التمر بمنزلة غلث الطعام ; لأن الحشف من التمر والغلث إنما هو شيء من غير الطعام وهذا كله رأيي . 
قلت : أرأيت هذا الطعام المغلوث إذا كان صبرة واحدة ، أيجوز أن يقتسماه بينهما ؟ 
قال : نعم لا بأس بذلك إن كان من صبرة واحدة ، فإن كان من صبرتين مختلفتين لم يصلح ذلك ; لأنه لا يدرى ما وقع غلث كل واحدة منهما من صاحبتها . والواحدة إذا كانت مغلوثة غلثها شيء واحد ، لا يدخله من خوف الاختلاف والمخاطرة ما يدخل الصبرتين إذا كانتا مختلفتين . قال : ولقد سألت  مالكا  عن غربلة القمح في بيعته ؟ فقال : هو الحق الذي لا شك فيه . فأرى أن يعمل به ، والذي أجيزه من القمح بالقمح أو القمح بالشعير أن يكونا نقيين أو يكونا مشتبهين ، ولا يكون أحدهما غلثا والآخر نقيا ، ولا يكونا إلا مثلا بمثل ، وهذا الذي سمعته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					