4671 قالت : كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه ، قال : والتحنث التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود بمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ، قلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ، قلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم الآيات ، إلى قوله علم الإنسان ما لم يعلم فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة ، فقال : زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، قال لخديجة : أي خديجة ، ما لي لقد خشيت على نفسي ، فأخبرها الخبر ، قالت خديجة : كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا ، فوالله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت خديجة : يا عم ، اسمع من ابن أخيك ، قال ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا ، وذكر حرفا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أومخرجي هم ، قال ورقة : نعم ، لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي ، وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم .


