الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
13 1 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، nindex.php?page=hadith&LINKID=650012عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: nindex.php?page=treesubj&link=28647_18270_18066لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
الأول: مسدد، بضم الميم، وفتح السين، والدال المشددة المهملة ابن مسرهد بن مسربل بن مرعبل بن أرندل بن سرندل بن غرندل بن ماسك بن مستورد الأسدي من ثقات أهل البصرة سمع nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي، nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو زرعة، وإسماعيل بن إسحاق، ونظراؤهم، قال أحمد بن عبد الله ثقة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين صدوق، توفي في رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
[ ص: 140 ] روى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن رجل عنه، ولم يرو له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم شيئا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في (تاريخه): nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مرعبل، ولم يزد على هذا، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في كتاب الكنى، غير أنه قال: مغربل بدل مرعبل، وقال أبو علي الخالدي الهروي: nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل إلى آخر ما ذكرناه. قلت: فالخمسة الأول على لفظ صيغة المفعول، nindex.php?page=showalam&ids=17072ومسدد من التسديد، ومسرهد من سرهدته، أي: أحسنت غداءه، وسمنته، ومسربل من سربلته، أي: ألبسته القميص، ومغربل من غربلته، أي: قطعته، ومرعبل من رعبلته، أي: مزقته، والثلاثة الأخيرة لعلها عجميات، وهي بالدال المهملة والنون، وعرندل بالعين المهملة، وبالعجمة، هو الأصح.
الثاني: nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد بن فروخ، بفتح الفاء، وتشديد الراء المضمومة، وفي آخره خاء معجمة غير منصرف للعلمية والعجمة القطان الأحول التيمي مولاهم البصري يكنى أبا سعيد الإمام الحجة المتفق على جلالته، وتوثيقه، وتميزه في هذا الشأن، سمع يحيى الأنصاري، ومحمد بن عجلان، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالكا، nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة، وغيرهم، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة، nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة، وعبد الرحمن بن مهدي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وآخرون. قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين: أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة، ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة.
وقال إسحاق الشهيدي: كنت أرى nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان يصلي العصر، ثم يستند إلى أصل منارة مسجده، فيقف بين يديه nindex.php?page=showalam&ids=16604علي ابن المديني، والشاذكوني، وعمرو بن علي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم يسألونه عن الحديث، وهم قيام على أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب، ولا يقول لأحد منهم: اجلس، ولا يجلسون هيبة له، ولد سنة عشرين ومائة، وتوفي سنة ثمان، وتسعين ومائة، روى له الجماعة.
الثالث: nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، بضم الشين المعجمة ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري أمير المؤمنين في الحديث، وقد تقدم.
الرابع: nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة بن دعامة - بكسر الدال - بن قتادة بن عزيز، بزاي مكررة مع فتح العين ابن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سدوس، بفتح السين المهملة ابن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بالباء الموحدة ابن صعب بن بكر بن وائل السدوسي البصري التابعي، سمع nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك، وعبد الله سرجس، وأبا الطفيل عامرا من الصحابة، وسمع nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=12081وأبا عثمان النهدي، nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين، وغيرهم، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي، nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب السختياني، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش، nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، وخلق كثير، أجمع على جلالته، وحفظه، وتوثيقه، وإتقانه، وفضله، ولد أعمى، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في (الكشاف): يقال: لم يكن في هذه الأمة أكمه غير قتادة، أي: ممسوح العين غير nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة السدوسي صاحب التفسير، توفي بواسط سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: ثماني عشرة ومائة، وهو ابن ست وخمسين أو سبع وخمسين، روى له الجماعة، وليس في الكتب الستة من اسمه nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة من التابعين، وتابعيهم غيره.
الخامس: nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين بن ذكوان المكتب المعلم البصري، سمع nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، وآخرين، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان، قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين nindex.php?page=showalam&ids=13053وأبو حاتم: ثقة، روى له الجماعة.
السادس: nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك بن النضر بالنون، والضاد المعجمة الساكنة ابن ضمضم بضادين معجمتين مفتوحتين ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري، يكنى أبا حمزة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خدمه عشر سنين، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفا حديث ومائتا حديث، وست وثمانون حديثا اتفقا على مائة وثمانية وستين حديثا منها، وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بثلاثة وثمانين حديثا، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بأحد وتسعين حديثا، وكان أكثر الصحابة ولدا، وقالت أمه: يا رسول الله، خويدمك nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ادع الله له، فقال: اللهم بارك في ماله، وولده، وأطل عمره، واغفر ذنبه، فقال: لقد دفنت من صلبي مائة إلا اثنين، وكان له بستان يحمل في سنة مرتين، وفيه ريحان يجيء منه ريح المسك، وقال: لقد بقيت حتى سئمت من الحياة، وأنا أرجو الرابعة. قيل: عمر مائة سنة وزيادة، وهو nindex.php?page=treesubj&link=34064آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وغسله nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين سنة ثلاث وتسعين زمن الحجاج.
ودفن في قصره على نحو فرسخ ونصف من البصرة، ويقال: إنما كني بأبي حمزة بالحاء المهملة ببقلة كان يحبها، روى له الجماعة.
(بيان لطائف إسناده) منها أن رواته كلهم بصريون فوقع له من الغرائب أن إسناد هذا كلهم بصريون، وإسناد الباب الذي قبله كلهم كوفيون، والذي قبله كلهم مصريون، فوقع له التسلسل في الأبواب الثلاثة على الولاء، ومنها أن فيه nindex.php?page=treesubj&link=29606_29140التحديث والعنعنة، ومنها أن هذان إسنادان موصولان أحدهما عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد عن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس. [ ص: 141 ] والآخر عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، عن يحيى، عن حسين، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، فقوله: عن حسين عطف على nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، والتقدير: عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، وحسين كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، وإنما لم يجمعهما; لأن شيخه أفردهما فأورده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري معطوفا اختصارا; ولأن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، وقال حسين: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، وقال بعض المتأخرين: طريق حسين معلقة، وهو غير صحيح فقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم في (المستخرج) من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، عن nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان، عن nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم، وقال الكرماني: قوله: " وعن حسين: هو عطف إما على حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، فيكون تعليقا، والطريق بين حسين nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري غير طريق nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، وإما على nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة فكأنه، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، حدثنا يحيى، عن حسين، وإما على nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة فكأنه قال: عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن حسين، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، ولا يجوز عطفه على يحيى; لأن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسددا لم يسمع عن الحسين، وروايته عنه إنما هو من باب التعليق، وعلى التقدير الأول ذكره على سبيل المتابعة. قلت: هذا كله مبني على حكم العقل، وليس كذلك، وليس هو بعطف على nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، ولا على nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، وإنما هو عطف على nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة كما ذكرنا، والمتن الذي سيق هاهنا هو لفظ nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، وأما لفظ حسين فهو الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم في (المستخرج) عن إبراهيم الحربي، عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، عن nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان، عن nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=3502539nindex.php?page=treesubj&link=18561_18562_18270_34506لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ولجاره.
فإن قيل: nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة مدلس، ولم يصرح بالسماع عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة. قلت: قد صرح nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي في روايتهما بسماع nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة له من nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فانتفت تهمة تدليسه.
(بيان اختلاف الروايات فيه).
قوله: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650012لا يؤمن حتى يحب ". في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15229المستملي: nindex.php?page=hadith&LINKID=650012لا يؤمن أحدكم حتى يحب ". وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650012لا يؤمن أحدكم حتى يحب ". وقال الشيخ قطب الدين: قد سقط لفظ: " أحدكم " في بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وثبت في بعضها كما جاء في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم. قلت: وفي بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650012لا يؤمن - يعني أحدكم - حتى يحب ". وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر: " nindex.php?page=hadith&LINKID=694413لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه "، وكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم عن أبي خيثمة، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=657073والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب ". الحديث.
قوله: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650012حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ، هكذا هو عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، ووقع في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم على الشك في قوله: " لأخيه أو لجاره "، وكذا وقع في مسند nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد على الشك، وكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي: " nindex.php?page=hadith&LINKID=671192لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير "، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=13779للإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15903روح عن حسين: " nindex.php?page=hadith&LINKID=883399حتى يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، وكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13564ابن منده من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17258همام عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16893ابن أبي عدي عن حسين: " لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب... " إلى آخره.
(بيان من أخرجه غيره) قد عرفت أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخرجه هنا عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد، عن يحيى، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، وعن حسين، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وروى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الإيمان، عن المثنى، nindex.php?page=showalam&ids=12991وابن بشار، عن nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان، عن nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أيضا.
(بيان اللغة والإعراب) قد مر تفسير الإيمان فيما مضى، وأما المحبة فقد قال النووي: أصلها الميل إلى ما يوافق المحب، ثم الميل قد يكون بما يستلذه بحواسه بحسن الصورة، وبما يستلذه بعقله كمحبة الفضل والجمال، وقد يكون لإحسانه إليه، ودفعه المضار عنه. وقال بعضهم: المراد بالميل هنا الاختياري دون الطبع، والقسري، والمراد أيضا بأن يحب... إلخ أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له لا عينه، سواء كان ذلك في الأمور المحسوسة أو المعنوية، وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له مع سلبه عنه، ولا مع بقائه بعينه له إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال. قلت: قوله: " والمراد أيضا بأن يحب إلى آخره ليس تفسير المحبة، وإنما المحبة مطالعة المنة من رؤية إحسان أخيه، وبره، وأياديه، ونعمه المتقدمة التي ابتدأ بها من غير عمل استحقها به، وستره على معايبه، وهذه محبة العوام قد تتغير بتغير الإحسان، فإن زاد الإحسان زاد الحب، وإن نقصه نقصه، وأما محبة الخواص فهي تنشأ من مطالعة شواهد الكمال لأجل الإعظام، والإجلال، ومراعاة حق أخيه المسلم، فهذه لا تتغير; لأنها لله تعالى لا لأجل غرض دنيوي، ويقال: المحبة هاهنا هي مجرد تمني الخير لأخيه المسلم فلا يعسر ذلك إلا على القلب السقيم غير المستقيم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض: المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=650012حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ". أن يحب لأخيه من الطاعات، والمباحات، وظاهره يقتضي التسوية، وحقيقته التفضيل; لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل الناس، فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل هو من جملة المفضولين، وكذلك الإنسان يحب أن ينتصف من حقه، ومظلمته، فإذا كانت لأخيه عنده مظلمة [ ص: 142 ] أو حق بادر إلى الإنصاف من نفسه، وقد روي هذا المعنى عن nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض رحمه الله أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=16008لسفيان بن عيينة رحمه الله: إن كنت تريد أن تكون الناس كلهم مثلك فما أديت لله الكريم نصحه، فكيف وأنت تود أنهم دونك، انتهى. قلت: المحبة في اللغة ميل القلب إلى الشيء لتصور كمال فيه بحيث يرغب فيما يقربه إليه من حبه يحبه فهو محبوب بكسر عين الفعل في المضارع. قال الشاعر:
أحب أبا مروان من أجل تمرة واعلم بأن الرفق بالمرء أرفق
قال الصغاني: وهذا شاذ; لأنه لا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر إلا ويشركه يفعل بالضم، أو كان متعديا ما خلا هذا الحرف، ويقال أيضا: أحبه فهو محبوب، ومثله مزكوم، ومجنون، ومكزوز، ومقرور، ومسلول، ومهموم، ومزعوق، ومضعوف، ومبرور، ومملوء، ومضؤود، ومأروض، ومحزون، ومحموم، وموهون، ومنبوت، ومسعود، وذلك أنهم يقولون في هذا كله قد فعل بغير ألف، ثم بني مفعول على فعل، وإلا فلا وجه له، فإذا قالوا: افعله فهو كله بالألف.
(وأما الإعراب) فقوله: لا يؤمن، نفي، وهي جملة من الفعل والفاعل، والفاعل هو أحد كما ثبت في بعض نسخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: " أو عبدكما "، وقع في إحدى روايتي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، والمعنى: لا يؤمن الإيمان الكامل; لأن أصل الإيمان لا يزول بزوال ذلك، أو التقدير: لا يكمل إيمان أحدكم.
nindex.php?page=treesubj&link=34079قوله: " حتى " هاهنا جارة لا عاطفة، ولا ابتدائية، وما بعدها خلاف ما قبلها، وأن بعدها مضمرة، ولهذا نصب يحب ولا يجوز رفعه هاهنا; لأن عدم الإيمان ليس سببا للمحبة.
قوله: " لأخيه " متعلق بقوله: " يحب ".
قوله: " ما يحب " جملة في محل النصب; لأنها مفعول يحب، وقوله: " لنفسه " يتعلق به، وكلمة " ما " موصولة، والعائد محذوف، أي: ما يحبه، وفيه حذف تقديره: ما يحب من الخير لنفسه، ويدل عليه ما رواه النسائي كما ذكرناه. فإن قلت: كيف يتصور أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وكيف يحصل ذلك المحبوب في محلين، وهو محال؟ قلت: تقدير الكلام: حتى يحب لأخيه مثل ما يحب لنفسه.
(الأسئلة، والأجوبة) منها ما قيل: إذا كان المراد بالنفي كمال الإيمان يلزم أن يكون من حصلت له هذه الخصلة مؤمنا كاملا، وإن لم يأت ببقية الأركان، وأجيب بأن هذا مبالغة كأن الركن الأعظم فيه هذه المحبة نحو: لا صلاة إلا بطهور. أو: هي مستلزمة لها، أو يلزم ذلك لصدقه في الجملة، وهو عند حصول سائر الأركان إذ لا عموم للمفهوم. ومنها ما قيل: من الإيمان أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه، ولم لم يذكره. وأجيب بأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فيدخل تحت ذلك أو أن الشخص لا يبغض شيئا لنفسه فلا يحتاج إلى ذكره بالمحبة. ومنها ما قيل: إن قوله: " لأخيه " ليس له عموم، فلا يتناول سائر المسلمين، وأجيب بأن معنى قوله: " لأخيه " للمسلمين تعميما للحكم أو يكون التقدير: لأخيه من المسلمين، فيتناول كل أخ مسلم.