2083 2084 2085 2086 ص: وقد ذهب جماعة من أصحاب النبي - عليه السلام - في سجود التلاوة إلى أنه غير واجب، وإلى أن التالي لا يضره أن لا يفعله، فمما روي عنهم في ذلك:
[ ص: 490 ] ما قد حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه (ح).
وحدثنا محمد بن عمرو ، قال: ثنا عبد الله بن نمير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه: ، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قرأ السجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد وسجدوا معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيئوا للسجود، فقال عمر: على رسلكم، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء. فقرأها ولم يسجد ومنعهم أن يسجدوا".
حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو عامر ، قال: ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن قال: " مر سلمان - رضي الله عنه - بقوم قد قرءوا بالسجدة فقيل له: ألا تسجد؟ فقال: إنا لم نقصد لها". .
حدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا عبد الله بن بكر ، قال: ثنا حاتم بن أبي صغيرة ، عن ابن أبي مليكة ، قال: "لقد قرأ ابن الزبير - رضي الله عنه - السجدة وأنا شاهد فلم يسجد، فقام الحارث بن عبد الله فسجد فقال: يا أمير المؤمنين ما منعك أن تسجد إذ قرأت السجدة؟ فقال: إني إذا كنت في صلاة سجدت، وإذا لم أكن في صلاة فإني لا أسجد".
فهؤلاء الجلة لم يروها واجبة، وهذا هو النظر عندنا; لأنا رأيناهم لا يختلفون أن المسافر إذا قرأها وهو على راحلته أو في جهاد لم يكن عليه أن يسجدها على الأرض، فكانت هذه صفة التطوع لا صفة الفرض; لأن الفرض لا يصلى إلا على الأرض والتطوع يصلى على الراحلة.
وكان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد رحمهم الله يذهبون في السجود إلى خلاف ذلك ويقولون: هي واجبة.
فثبت بما وصفنا أن ما ذكروا عن أبي لا دلالة فيه على أن لا سجود في المفصل; لأنه قد يجوز أن يكون الحكم كان في السجود عند رسول الله - عليه السلام - على واحد من المعاني التي ذكرناها في ذلك عن عمر ، وسلمان ، وابن الزبير ، - رضي الله عنهم - فترك السجود في
[ ص: 491 ] المفصل لذلك، ولعله أيضا لم يسجد في تلاوة ما فيه سجود أيضا من غير المفصل.


