2271 ص: ففي هذين الحديثين إباحة الصلاة إلى البعير، فثبت بذلك أن الصلاة إلى البعير جائزة، وأنه لم ينه عن الصلاة في أعطان الإبل. لأنه لا يجوز الصلاة بحذائها، واحتمل أن تكون الكراهة لعلة ما يكون من الإبل في معاطنها من أرواثها وأبوالها.
فنظرنا في ذلك فرأينا مرابض الغنم كل قد أجمع على جواز الصلاة فيها، وبذلك جاءت الروايات التي رويناها عن رسول الله - عليه السلام -، وكان حكم ما يكون من الإبل في أعطانها من أبوالها وغير ذلك حكم ما يكون من الغنم في مرابضها من أبوالها وغير ذلك لا فرق بين شيء من ذلك في نجاسة ولا طهارة ; لأن من جعل أبوال الغنم طاهرة جعل أبوال الإبل كذلك، ومن جعل أبوال الإبل نجسة جعل أبوال الغنم كذلك، فلما كانت الصلاة قد أبيحت في مرابض الغنم في الحديث الذي نهي فيه عن الصلاة في أعطان الإبل ; ثبت أن النهي عن ذلك ليس لعلة نجاسة ما يكون منها ; إذ كان ما يكون من الغنم حكمه مثل ذلك.
ولكن العلة التي لها كان النهي هو ما قال شريك أو ما قال يحيى بن آدم، فإن كان لما قال شريك فإن الصلاة مكروهة حيث يكون الغائط والبول كان عطنا أو غيره، وإن كان لما قال يحيى ابن آدم فإن الصلاة مكروهة حيث يخاف على النفوس كان عطنا أو غيره. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.
وأما حكم ذلك من طريق النظر، فإنا رأيناهم لا يختلفون في مرابض الغنم أن الصلاة فيها جائزة، وإنما اختلفوا في أعطان الإبل، فقد رأينا حكم لحمان الإبل كحكم لحمان الغنم في طهارتها، ورأينا حكم أبوالها كحكم أبوالها في طهارتها أو نجاستها فكان يجيء في النظر أيضا أن يكون حكم الصلاة في مواضع الإبل كهو [ ص: 150 ] في مواضع الغنم قياسا ونظرا على ما ذكرنا، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.


