2485 ص: فلما تكافأت هذه التأويلات في فعل عثمان وعائشة - رضي الله عنها - لزمنا أن ننظر حكم قصر الصلاة ما يوجبه فكان الأصل في ذلك أنا رأينا الرجل إذا كان مقيما في أهله فحكمه في الصلاة حكم الإقامة، وسواء كانت إقامته في طاعة أو معصية لا يتغير لشيء من ذلك حكمه، فكان حكم إتمام الصلاة يجب عليه بالإقامة خاصة لا بطاعة ولا بمعصية، ثم إذا سافر فخرج بذلك من حكم الإقامة فقد جرى في هذا من حكم الاختلاف ما قد ذكرنا.
فقال قوم: لا يجب له حكم التقصير إلا أن يكون ذلك السفر سفر طاعة.
وقال آخرون: يجب له حكم التقصير في الوجهين جميعا، فلما كان حكم الإتمام يجب له في الإقامة بالإقامة خاصة لا بطاعة ولا غيرها، كان كذلك يجيء في النظر أن يكون حكم التقصير يجب له في السفر خاصة لا بطاعة ولا بغيرها ; قياسا على ما بينا وشرحنا، ولما ثبت أن التقصير إنما يجب له بحكم السفر خاصة لا بغيره، ثبت أنه يقصر ما كان مسافرا في الأمصار وغيرها ; لأن العلة التي لها تقصر هي السفر الذي لم يخرج منه بدخوله الأمصار، وجميع ما بينا في هذا الباب وصححنا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.


