5256 ص: ثم لو ثبت على ما رواه  عبد الأعلى  ، عن  معمر  ، عن  الزهري،  لما كانت فيه أيضا حجة على من ذهب إلى ما ذهب إليه  أبو حنيفة   وأبو يوسف  في ذلك؛ لأن تزويج غيلان  ذلك إنما كان في الجاهلية، قد بين ذلك  سعيد بن أبي عروبة  عن  معمر  في هذا الحديث. 
حدثناه خلاد بن محمد،  قال: ثنا  محمد بن شجاع  ، عن  يزيد بن هارون  ، قال: 
 [ ص: 371 ] أنا  سعيد بن أبي عروبة  ، عن  معمر  ، عن  الزهري  ، عن  سالم  ، عن  أبيه  ، عن النبي -عليه السلام- مثل حديث أحمد بن داود،  ، وزاد: "أنه كان تزوجهن في الجاهلية".   . 
فكان تزويج غيلان  للنسوة اللائي كن عنده حين أسلم في وقت كان تزويج ذلك العدد جائزا والنكاح عليه ثابت، ولم يكن للواحدة حينئذ من ثبوت النكاح إلا ما للعاشرة مثله، ثم أحدث الله - عز وجل - حكما آخر وهو تحريم ما فوق الأربع، فكان ذلك حكما طارئا طرأت به حرمة حادثة على نكاح غيلان،  ، فأمره النبي -عليه السلام- لذلك أن يمسك من النساء العدد الذي أباحه الله - عز وجل - ويفارق ما سوى ذلك، وجعل كرجل له أربعة نسوة فطلق منهن واحدة، فحكمه أن يختار واحدة منهن فيجعل ذلك الطلاق عليها ويمسك الأخر، وكذلك كان أبو حنيفة  ، وأبو يوسف  يقولان في هذا. 
فأما من تزوج عشر نسوة بعد تحريم الله - عز وجل - ما جاوز الأربع في عقدة واحدة فإنما عقد النكاح عليهن عقدا فاسدا، فلا يثبت له بذلك نكاح، ألا ترى أنه لو تزوج ذات رحم محرم منه في دار الحرب وهو مشرك ثم أسلم؛  أنهما لا تقر عنده، وإن كان عقده لذلك كان في دار الحرب وهو مشرك؟ فلما كان هذا يرد حكمه فيه إلى حكم نكاحات المسلمين فيما يعتقدون في دار الإسلام، كان كذلك أيضا حكمه في العشر نسوة اللاتي تزوجهن وهو مشرك في دار الحرب، رد حكمه فيه إلى حكم المسلمين في نكاحاتهم؛ فإن كان تزوجهن في عقدة واحدة فنكاحهن باطل، وإن كان تزوجهن في عقد متفرقة جاز نكاح الأربع الأول منهن؛ وبطل النكاح لسائرهن. 
     	
		
				
						
						
