6855 ص: ففي هذه الآثار إباحة الشرب قائما، وأولى الأشياء إذا روي حديثان عن رسول الله -عليه السلام- فاحتملا الاتفاق واحتملا التضاد أن نحملهما على الاتفاق لا على التضاد، وكان فيما روينا في هذا الفصل عن رسول الله -عليه السلام- إباحة الشرب قائما، وفيما روينا في الفصل الذي قبله النهي عن ذلك؛ فاحتمل أن يكون ذلك النهي لم يرد به هذه الإباحة، ولكن أريد به معنى آخر.
فنظرنا في ذلك، فإذا فهد قد حدثنا، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا خالد ، عن بيان ، عن الشعبي ، قال: "إنما كره الشرب قائما لأنه داء"، فأخبر الشعبي في هذا بالمعنى الذي من أجله كان النهي، وأنه لما يخاف منه من الضرر وحدوث الداء لا غير ذلك، فأراد رسول الله -عليه السلام- بذلك النهي الإشفاق على أمته، وأمره إياهم بما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم، كما قد قال لهم: "أما أنا فلا آكل متكئا". .


