6131 6132 ص: فكان من حجتنا على الذين احتجوا بهذه الآثار لأهل المقالة الأولى : أن هذه لم يرد بها الشهادة على الحقوق ، وإنما أريد بها الشهادة في الأيمان ، وقد روي ما يدل على ذلك عن إبراهيم النخعي . .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا عبد الله بن رجاء ، قال : أنا شيبان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله قال : " قلنا يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ قال : قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ، . قال إبراهيم : : كان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد " .
فدل هذا من قول إبراهيم أن الشهادة التي ذم النبي -عليه السلام - صاحبها هو قول الرجل : أشهد بالله بما كان كذا ، على معنى الحلف ، فكره ذلك كما يكره الحلف ، فإنه مكروه للرجل الإكثار منه وإن كان صادقا ، فنهى عن الشهادة التي هي حلف كما نهى عن اليمين إلا أن يستحلف بها ، فيكون حينئذ معذورا ، ولعله أن يكون أراد بالشهادة التي ذكرنا الحلف بها على ما لم يكن ، لقوله : "ثم يفشو الكذب " فتكون تلك الشهادة شهادة كذب .


