5074 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك ما قد ذكرناه في هذه الآثار: أن رسول الله -عليه السلام- لما قضى على المحكوم عليه بالغرة قال: كيف نعقل من لا أكل ولا شرب ولا نطق؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فيه غرة : عبد أو أمة. ولم يقل للذي سجع ذلك السجع: إنما حكمت هذا للجناية على المرأة لا في الجنين، وقد دل على ذلك أيضا ما قد روينا فيما تقدم من هذا الكتاب: أن المضروبة ماتت بعد ذلك من الضربة، فقضى رسول الله -عليه السلام- فيها بالدية مع قضائه بالغرة، فلو كانت الغرة للمرأة المقتولة إذا لما قضى لها بالدية، ولكن حكمها حكم امرأة ضربتها امرأة فماتت من ضربها فعليها ديتها، ولا يجب عليها للضربة أرش.
فلما حكم رسول الله -عليه السلام- مع دية المرأة بالغرة; ثبت بذلك أن الغرة دية للجنين لا لها، فهي موروثة عن الجنين كما يورث ماله لو كان حيا فمات؛ اتباعا لما روي عن رسول الله -عليه السلام-.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.


