3193  - حدثنا علي  ، قال : ثنا  روح  ، عن ابن جريج  ، قال : زعم  عطاء  أنه كان يفعل ذلك   . 
فهذا الصيام الذي يجزئ فيه النية بعد طلوع الفجر ، الذي جاء فيه الحديث ، الذي ذكرنا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به من ذكرنا من أصحابه من بعده ، هو صوم التطوع . 
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ، أنه أمر الناس يوم عاشوراء بعد ما أصبحوا أن يصوموا ، وهو حينئذ عليهم صومه فرض ، كما صار صوم رمضان من بعد ذلك على الناس فرضا ، ورويت عنه في ذلك آثار سنذكرها في باب صوم يوم عاشوراء ، فيما بعد هذا الباب ، من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى . 
فلما جاءت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا ، لم يجز أن يجعل بعضها مخالفا لبعض ، فتتنافى ، ويدفع بعضها بعضا ، ما وجدنا السبيل إلى تصحيحها ، وتخريج وجهها . 
فكان حديث  عائشة  رضي الله عنها الذي ذكرناه عنها في هذا الباب ، في صوم التطوع ، فكذلك وجهه عندنا . 
وكان ما روي في عاشوراء في الصوم المفروض في اليوم الذي بعينه . 
فكذلك حكم الصوم المفروض في ذلك اليوم جائز أن يعقد له النية بعد طلوع الفجر . 
ومن ذلك شهر رمضان فهو فرض في أيام بعينها كيوم عاشوراء إذ كان فرضا في يوم بعينه . 
 [ ص: 58 ] فكما كان يوم عاشوراء يجزئ من نوى صومه بعد ما أصبح ، فكذلك شهر رمضان يجزئ من نوى صوم يوم منه كذلك . 
وبقي بعد هذا ما روينا في حديث  حفصة  عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو - عندنا - في الصوم الذي هو خلاف هذين الصومين ، من صوم الكفارات ، وقضاء شهر رمضان ، حتى لا يضاد ذلك شيئا مما ذكرناه في هذا الباب وغيره . 
ويكون حكم النية التي يدخل بها في الصوم ، على ثلاثة أوجه . 
فما كان منه فرضا في يوم بعينه ، كانت تلك النية مجزئة قبل دخول ذلك اليوم في الليل ، وفي ذلك اليوم أيضا ، وما كان منه فرضا لا في يوم بعينه ، كانت النية التي يدخل بها فيه في الليلة التي قبله ، ولم تجز بعد دخول اليوم . 
وما كان منه تطوعا كانت النية التي يدخل بها فيه في الليل الذي قبله ، وفي النهار الذي بعد ذلك . 
فهذا هو الوجه الذي يخرج عليه الآثار التي ذكرنا ، ولا تتضاد ، فهو أولى ما حملت عليه . 
وإلى ذلك كان يذهب  أبو حنيفة  ،  وأبو يوسف  ،  ومحمد  رحمهم الله . 
إلا أنهم كانوا يقولون : ( ما كان منه يجزئ النية فيه بعد طلوع الفجر ، مما ذكرنا ، فإنها تجزئ في صدر النهار الأول ، ولا تجزئ فيما بعد ذلك ) . 
				
						
						
