3944  - حدثنا روح بن الفرج  ، قال : ثنا حامد بن يحيى  ، قال : ثنا  سفيان  ، قال : ثنا  إسماعيل بن أبي خالد  ، عن الشعبي  ،  وابن أبي زائدة  ، عن الشعبي  ،  وزكريا  عن الشعبي  ،  وداود بن أبي هند  قال : سمعت عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لائم الطائي  يقول : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمزدلفة  ، فقلت : يا رسول الله ، جئت من جبلي طيئ  ، ووالله ما جئت حتى أتعبت نفسي وأنضيت راحلتي ، وما تركت جبلا من هذه الجبال إلا وقد وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شهد معنا هذه الصلاة ، صلاة الفجر بالمزدلفة  ، وقد كان وقف بعرفة  قبل ذلك ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه ، وقضى تفثه  . 
قال سفيان   : وزاد زكريا  فيه - وكان أحفظ الثلاثة لهذا الحديث - قال : فقلت : يا رسول الله ، أتيت هذه الساعة من جبلي طيئ  ، قد أكللت راحلتي ، وأتعبت نفسي ، فهل لي من حج ؟ 
فقال : من شهد معنا هذه الصلاة ، ووقف معنا حتى نفيض ، وقد كان وقف قبل ذلك بعرفة  ، من ليل أو نهار فقد تم حجه ، وقضى تفثه  . 
قال سفيان   : وزاد  داود بن أبي هند  ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين برق الفجر  ، ثم ذكر الحديث . 
قال  أبو جعفر   : فذهب قوم إلى أن الوقوف بالمزدلفة  فرض ، لا يجوز الحج إلا بإصابته . 
واحتجوا في ذلك بقول الله عز وجل : فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام  ، وبهذا الحديث الذي رويناه . 
وقالوا : ذكر الله عز وجل في كتابه المشعر الحرام  ، كما ذكر عرفات  ، وذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته ، فحكمها واحد ، لا يجزي الحج إلا بإصابتها . 
 [ ص: 209 ] وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا : أما الوقوف بعرفة  ، فهو من صلب الحج الذي لا يجزئ الحج إلا بإصابته ، وأما الوقوف بمزدلفة  ، فليس كذلك . 
وكان من الحجة لهم في ذلك أن قول الله عز وجل : فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام  ليس فيه دليل على أن ذلك على الوجوب ؛ لأن الله عز وجل إنما ذكر الذكر ، ولم يذكر الوقوف ، وكل قد أجمع أنه لو وقف بمزدلفة  ، ولم يذكر الله عز وجل أن حجه تام . 
فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ، ليس من صلب الحج ، فالموطن الذي يكون ذلك الذكر فيه ، الذي لم يذكر في الكتاب ، أحرى أن لا يكون فرضا . 
وقد ذكر الله تعالى أشياء في كتابه من الحج ، ولم يرد بذكرها إيجابها ، حتى لا يجزي الحج إلا بإصابتها في قول أحد من المسلمين . 
من ذلك قوله تعالى : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما  ، وكل قد أجمع أنه لو حج ولم يطف بين الصفا والمروة ، أن حجه قد تم ، وعليه دم مكان ما نزل من ذلك . 
فكذلك ذكر الله عز وجل المشعر الحرام في كتابه ليس في ذلك دليل على إيجابه حتى لا يجزئ الحج إلا بإصابته . 
وأما ما في حديث عروة بن مضرس  ، فليس فيه دليل أيضا على ما ذكروا ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال فيه : من صلى معنا صلاتنا هذه ، وقد كان أتى عرفة  قبل ذلك من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه  . 
فذكر الصلاة ، وكل قد أجمع على أنه لو بات بها ، ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته ، أن حجه تام . 
فلما كان حضور الصلاة مع الإمام المذكور في هذا الحديث ، ليس من صلب الحج الذي لا يجزئ الحج إلا بإصابته ، كان الموطن الذي تكون فيه تلك الصلاة ، الذي لم يذكر في الحديث ، أحرى أن لا يكون كذلك . 
فلم يتحقق بهذا الحديث ذكر الفرض إلا لعرفة خاصة . 
وقد روى عبد الرحمن بن يعمر الديلي  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					