5434  - وقد حدثنا أيضا  يزيد بن سنان  ، قال : ثنا محمد بن أبي رجاء الهاشمي  ، قال : ثنا  أبو معشر  ، عن  زيد بن أسلم  ، عن  أبيه  ، عن عمر بن عبد الله مولى غفرة  ، قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وولي أبو بكر  رضي الله عنه ، قدم عليه مال من البحرين  ، فقال : ( من كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فليأتني ، وليأخذ ) . 
 [ ص: 305 ] فأتى  جابر بن عبد الله  ، فقال : وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه مال من البحرين  ، أعطاني هكذا وهكذا ، وهكذا ثلاث مرات ، ملء كفيه قال : خذ بيدك ، فأخذ بيده ، فوجدها خمسمائة ، فقال : اعدد إليها ألفا . 
ثم أعطى من كان وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، ثم قسم بين الناس ما بقي ، فأصاب كل إنسان منهم عشرة دراهم . 
فلما كان العام المقبل جاءه مال كثير أكثر من ذلك ، فقسمه بين الناس ، فأصاب كل إنسان عشرون درهما ، وفضل من المال فضل . 
فقال : يا أيها الناس ، قد فضل فضل ، ولكم خدم يعالجون لكم ، ويعملون لكم ، فإن شئتم رضخنا لهم ، فرضخ لهم خمسة دراهم ، خمسة دراهم . 
فقيل : يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو فضلت المهاجرين  والأنصار  بفضلهم . 
قال : إنما أجورهم على الله ، إنما هذا مغانم ، والأسوة في المغانم أفضل من الأثرة . 
فلما توفي أبو بكر  رضي الله عنه ، واستخلف عمر  ، فتحت عليه الفتوح ، وجاءهم مال أكثر من ذلك ، فقال : كان  لأبي بكر  رضي الله عنه في هذا المال رأي ولي رأي آخر ، رأى أبو بكر  أن يقسم بالسوية ، ورأيت أن أفضل المهاجرين  والأنصار  ، ولا أجعل من قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن قاتل معه . 
ففضل المهاجرين  والأنصار  ، فجعل لمن شهد بدرا منهم خمسة آلاف ، ومن كان له إسلام مع إسلامهم ، إلا أنه لم يشهد بدرا أربعة آلاف أربعة آلاف ، وللناس على قدر إسلامهم ومنازلهم . 
وفرض لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألفا ، لكل امرأة منهن ، إلا صفية  وجويرية  ، فرض لهما ستة آلاف ستة آلاف ، فأبتا أن تأخذا . 
فقال : إنما فرضت لكن بالهجرة ، فقالتا : إنما فرضت لهن لمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولنا مثل مكانهن ، فأبصر ذلك عمر  رضي الله عنه فجعلهن سواء . 
وفرض للعباس بن عبد المطلب  اثني عشر ألفا لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرض لنفسه خمسة آلاف ، وفرض  لعلي بن أبي طالب  رضي الله تعالى عنه خمسة آلاف ، وربما زاد الشيء ، وفرض للحسن  والحسين  رضي الله عنهما خمسة آلاف ، خمسة آلاف ، ألحقهما بأبيهما لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفرض لأسامة بن زيد  رضي الله تعالى عنه أربعة آلاف ، وفرض  لعبد الله بن عمر  رضي الله تعالى عنهما ثلاثة آلاف ، فقال له  عبد الله بن عمر  رضي الله عنهما : بأي شيء زدته علي ؟ قال : فبما ، فما كان لأبيه من الفضل ، ما لم يكن لك ، ولم يكن له من الفضل ما لم يكن لي ، فقال : إن أباه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك ، وكان هو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك . 
وفرض لأبناء المهاجرين  والأنصار  ممن شهد بدرا ألفين ألفين ، فمر به  عمر بن أبي سلمة  ، فقال : زده ألفا يا غلام . 
وقال محمد بن عبد الله بن جحش   : لأي شيء زدته علي ؟ والله ما كان لأبيه من الفضل ما لم يكن لآبائنا . 
قال : فرضت لأبي سلمة  ألفين ، وزدته لأم سلمة ألفا ، فلو كانت لك أم مثل  أم سلمة  زدتك ألفا . 
 [ ص: 306 ] وفرض لأهل مكة  ثماني مائة في الشرف منهم ، ثم الناس على قدر منازلهم ، وفرض لعثمان بن عبد الله بن عثمان بن عمرو  ثماني مائة ، وفرض للنضر بن أنس  في ألفي درهم . 
فقال له  طلحة بن عبيد الله   : جاءك ابن عثمان بن عمرو  ، ونسبه إلى جده ، ففرضت له ثماني مائة ، وجاءك هنبة  من الأنصار  ، ففرضت له في ألفين . 
فقال : إني لقيت أبا هذا يوم أحد ، فسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما أراه إلا قد قتل ، فسل سيفه ، وكسر غمده ، وقال : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل ، فإن الله حي لا يموت ، وقاتل حتى قتل ، وهذا يرعى الغنم بمكة  ، أفتراني أجعلهما سواء ؟ 
قال : فعمل عمر  ، عمره كله بهذا ، حتى إذا كان في آخر السنة التي قتل فيها سنة ثلاث وعشرين حج ، فقال أناس من الناس : ( لو مات أمير المؤمنين ، قمنا إلى فلان ابن فلان ، فبايعناه ) . 
قال  أبو معشر   : يعنون  طلحة بن عبيد الله   . 
فلما قدم عمر  المدينة  خطب ، فقال في خطبته : رأى أبو بكر  في هذا المال رأيا ، رأى أن يقسم بينهم بالسوية ، ورأيت أن أفضل المهاجرين  والأنصار  بفضلهم ، فإن عشت هذه السنة أرجع إلى رأي أبي بكر  ، فهو خير من رأيي .  
أفلا ترى أن أبا بكر  رضي الله عنه لما قسم سوى بين الناس جميعا ، فلم يقدم ذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من سواهم ، ولم يجعل لهم سهما في ذلك المال أبانهم به عن الناس . 
فذلك دليل على أنه كان لا يرى لهم بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا في مال الفيء ، سوى ما يأخذونه كما يأخذ من ليس بذوي القربى . 
ثم هذا  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، لما أفضى إليه الأمر ، ورأى التفضيل بين الناس على المنازل ، لم يجعل لذوي القربى سهما يبينون أي يمتازون به على الناس ، ولكنه جعلهم وسائر الناس سواء ، وفضل بينهم بالمنازل ، غير ما يستحقونه بالقرابة ، لو كان لأهلها سهم قائم . 
فدل ذلك على ما ذهبنا إليه من ارتفاع سهم ذوي القربى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث روي عن عمر  رضي الله تعالى عنه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					