5756  - حدثني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا ربا إلا في الدين   . 
 [ ص: 65 ] قال  أبو جعفر   : فذهب قوم إلى أن بيع الفضة بالفضة ، والذهب بالذهب ، مثلين بمثل ، جائز ، إذا كان يدا بيد . واحتجوا في ذلك بما رويناه عن  أسامة بن زيد  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . 
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا : لا يجوز بيع الفضة بالفضة ، ولا الذهب بالذهب ، إلا مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد . 
وكانت الحجة لهم في تأويل حديث  ابن عباس  رضي الله عنهما ، عن أسامة  رضي الله عنه ، الذي ذكرنا في الفصل الأول أن ذلك الربا إنما عنى به ربا القرآن ، الذي كان أصله في النسيئة ، وذلك أن الرجل كان يكون له على صاحبه الدين ، فيقول له : أجلني منه إلى كذا وكذا بكذا وكذا درهما أزيدكها في دينك ، فيكون مشتريا لأجل بمال ، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك بقوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين   . ثم جاءت السنة بعد ذلك بتحريم الربا في التفاضل ، في الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، وسائر الأشياء المكيلات والموزونات على ما ذكره  عبادة بن الصامت  رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويناه عنه ، فيما تقدم من كتابنا هذا في باب بيع الحنطة بالشعير ، فكان ذلك ربا حرم بالسنة وتواترت به الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قامت بها الحجة . 
والدليل على أن ذلك الربا المحرم في هذه الآثار ، هو غير الربا ، والذي رواه  ابن عباس  عن أسامة  رضي الله عنهم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجوع  ابن عباس  رضي الله عنهما إلى ما حدثه به  أبو سعيد  رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما قد ذكرناه في هذا الباب . 
فلو كان ما حدثه به  أبو سعيد  رضي الله عنه ، من ذلك ، في المعنى الذي كان أسامة  رضي الله عنه حدثه به إذا ، لما كان حديث  أبي سعيد  عنده بأولى من حديث أسامة  رضي الله عنه . 
ولكنه لم يكن علم بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الربا ، حتى حدثه به  أبو سعيد  رضي الله عنه . 
فعلم أن ما كان حدثه به أسامة  رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان في ربا غير ذلك الربا . 
				
						
						
